السبت، 19 ديسمبر 2009

أبوالعباس .. المقاتل والقائد الفلسطيني

قُتل أبوالعباس الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، المقاتل والقائد الفلسطيني، صاحب عملية "اكيلي لاورو" الشهيرة، قُتل تعذيبا أو قتل قهرا أو قتل بالقتل البطيء الذي يأتي بمنع الدواء عنه كما أعلنت الجبهة، فمنذ اعتقلته القوات الأمريكية في العراق ولم يعرف أحد عنه شيئا، ولم يعرف مكانه أو جريمته، أو ماذا يدور بشأنه، لم نسمع عنه كلمة واحدة إلا أنه "مات" أو قتل، وقتلته هم قتلة الفلسطينيين في فلسطين، وهم قتلة العراقيين في العراق، وهم قتلتنا في كل الوطن العربي. وضعت أمريكا اسمه علي قائمة الإرهابيين المطلوبين منذ 20 عاما، دخل فلسطين مع ياسر عرفات رغم رفضه لأوسلو، وحضر أول اجتماع لمجلس وطني فلسطيني، وجاءته النصيحة من القائد بأن يغادر فلسطين ففعل، رغم قسوة هذا عليه فقد رأي خطوته إلي الوطن الذي خرج منه قبل 50 عاما، خطوة في الاتجاه الصحيح، واعتبر يومها أن دخوله إلي فلسطين هو بالضرورة انحسار للكيان الصهيوني فيها وأن نهايته قد أزفت، وغادرها مضطرا قبل أربعة أعوام فقط، وحاول أن يعود إليها إلي بيته وأهله ومكتبه، ولكنه لم يقم بالعودة، واكتفي وهو في بغداد بالحلم، حلم بأن يعود بلا مقامرة، ويعود منتصرا، أو يعود ليدفن فيها، والحلمان لم يتحققا. في بيته الصغير ببغداد التقيته، منذ عامين بالتمام والكمال. التقيته وأنا أشعر بأنها ربما تكون المرة الأخيرة التي اتنسم فيها هواء بغداد واملأ عيني منها، فالحرب تدق الأبواب، والرئيس الفلسطيني محاصر في رام الله، والرؤساء العرب يتوافدون علي بيروت من أجل "بيعة" للعدو أسموها يومها مبادرة الأمير عبدالله، وسماها أبو العباس "فضيحة" وقال ساعتها كأنه يقرأ في دفتر أحوال العرب.. نفس المشهد تكرر في عام 1936، كانت الثورة متصاعدة في فلسطين، وانتفاضة كبري وإضراب يهدد الوجود البريطاني كله، ولم تتمكن بريطانيا من إفشال الإضراب الفلسطيني وإسقاط الانتفاضة إلا باللجوء لعملائها في الأنظمة العربية، وأسأله: ماذا يعني، ويقول: تداعي القادة العرب إلي اليمن، وأصدروا نداء ناشدوا فيه الشعب الفلسطيني بالحرف الواحد قائلين: "اشقاؤنا في فلسطين لثقتنا في حليفتنا بريطانيا العظمي نأمل أن توقفوا الثورة لأن بريطانيا وعدتنا بحل المشاكل"، وأوقف الفلسطينيون الثورة، وسلمت بريطانيا فلسطين لليهود، وفي عام 1990 حدث إجماع عربي علي القتال تحت العلم الأمريكي من حفر الباطن. وأسأل أبوالعباس: لكن العرب لا يتداعون اليوم إلي وأد الانتفاضة وإنما لإقرار السلام ويقدمون مبادرة تلو أخري? ويقول: الحديث عن مبادرة سلام هو إعلان مسبق عن استعداد للتنازل، واستعداد للقبول بالقهر، وأنا لا أفهم لماذا يأتي طرف من أطراف الصراع ويعلن شروط استسلامه، إلا نحن هذه فضيحة. واسأل أبوالعباس يومها، هل ستضرب أمريكا العراق، فيقول: أمريكا قررت ضرب العراق، وتحشد له، وتريد أن تحقق الحلم الأمريكي، وهذا قرار له مساندون عرب ومسلمون، وأمريكا تتصرف بعقلية الكاوبوي، ولن تتصرف منفردة، وهي في حاجة لمقاتلين بالإنابة، والوضع العربي مهيأ لأن يأتي إما بالسيف أو بالذهب والحكام العرب يعرفون أن المقعد سيهتز بالتهديد ويستقر بالترغيب، وأنا لا أفهم سلوكيات عربية تقول: نحن علي الحياد في العنف في فلسطين، ودولة عربية تحكم بالإعدام علي رجل كان يعتزم أن ينقل سلاحا للانتفاضة في وقت أمريكا تريد هيمنة طويلة المدي علي المنطقة والعالم، وتريد تأكيد العولمة التي بدأت تنخر في الشعوب، وهذا لا يتم إلا بسيطرتها علي مصدر الطاقة في العالم، والنفط في العراق، يريدون عراقا أمريكيا واستقرارا في فلسطين تأتي به مبادرة الأمير عبدالله التي تحوي شروط استسلامنا في فلسطين والعراق وهما ضمير الأمة. ويمضي أبوالعباس وبخبرة المقاتل والقائد فيدعو القوي الشعبية العربية وهي تضغط علي حكامها حتي لا ينصاعوا لأمريكا إلا تشتبك مع هؤلاء الحكام لأنهم أشرار لن يفوتوا فرصة الانقضاض علي الشعوب، لذلك فعلي القوي الشعبية أن تبتكر أساليب ضغط ومواجهة تفوت علي الحكام فرصة الانقضاض، وكأنه كان يعرف الغيب، فقد انقض الحكام بالفعل بالقتل وبالسجن وبالتعذيب وبالمبادرات. واسأله في النهاية عن العقيد القذافي فيقرأ في كف العرب ويقول: لا أراهن علي موقف ليبي، ولا استطيع البناء علي الأفكار الليبية، أنا أفهم أن القذافي غاضب وحاقد وخجلان من العرب ومن انتمائه العربي، وفي نفس الوقت يتكلم عن مشروع سلام مع إسرائيل ويطبق فيه تجربة جنوب أفريقيا، أنا لا أعرف إلي أين سيبتعد القذافي بليبيا، ربما إلي القمر".. والآن يا أبوالعباس ابتعد، القذافي بليبيا.. ابتعد ليس إلي القمر كما كنت تقول ساخرا، وإنما إلي "العدو".

الشهيد القائد المناضل عمر شبلي ” أبو احمد حلب ” الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية


ولد الرفيق الشهيد القائد في حيفا عام 1945م .
هجر مع عائلته الى مدينة حلب في سوريا عام 1948 م.
التحق بصفوف الثورة الفلسطينية وجبهة التحرير الفلسطينية في أوائل الستينات منذ ريعان شبابه وقاتل في جميع المعارك دفاعا عن الثورة الفلسطينية والشعب ومنظمة التحرير الفلسطينية .
تولى العديد من المهمات النضالية والقيادية.
انتخب عضوا ً في اللجنة المركزية في المؤتمر الخامس وعضوا ً في المكتب السياسي في المؤتمر السادس.
عاد الى أرض الوطن عام 1994 م.
انتخب عضوا في المجلس الوطني والمركزي الفلسطيني عام 1987
انتخب نائب الأمين العام منذ 1998 م.
عين مديرا ً عاما ً في وزارة الداخلية، ثم رقي الى وكيل مساعد وبقي في هذا المنصب هذا المنصب حتى العام 2003 م.
بعد استشهاد القائد محمد عباس ”ابو العباس ” الأمين العام للجبهة، اصبح امينا ً عاما ً للجبهة في عام2004 الى ان وافته المنية في ليلة 13 / 5 / 2007

هذا وقد نعت جبهة التحرير الفلسطينية قيادة وكوادر وقواعد في الوطن والشتات والمنافي الى جماهير شعبنا الفلسطيني وامتنا العربية والاسلامية والى الاحرار والشرفاء في العالم امينها العام وقائدها ورمزها الرفيق الشهيد عمر شبلي " ابو احمد حلب " الذي التحق بركب الشهداء القادة والمناضلين ابو العباس وطلعت يعقوب وحفظي قاسم وخالد الامين وفؤاد زيدان وسعيد اليوسف ومروان باكير وابو عيسى حجير وغيرهم الكثير من الكواكب والمناضلين الذين كرسوا حياتهم من اجل شعبهم وقضيتهم وتحقيق الاهداف الوطنية في الحرية والعودة والتحرير وبناء الوحدة الوطنية والدفاع عن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .
لقد قضى الرفيق القائد الوطني الكبير عمر شبلي " ابو احمد حلب " حياته مدافعا عن ثورته وقضيته وانضم الى صفوف الثورة والجبهة منذ انطلاقتها في بداية التأسيس وخاض معارك الدفاع عن الثورة والشعب الفلسطيني ، وتسلم العديد من المهمات النضالية والقيادية وانتخب عضو في المجلس الوطني الفلسطيني عام 1979 وعضو في المجلس المركزي عام 1987، وانتخب عام 1998 نائبا للأمين العام للجبهة ، وبعد استشهاد الامين العام الرفيق القائد ابو العباس في معتقلات الاحتلال الامريكي في العراق ، انتخب عام 2004 امينا عاما للجبهة .
ان جبهة التحرير الفلسطينية وهي تودع امينها العام وقائدها الوطني الكبير والذي جسد نموذجا بارزا في العطاء والنضال والحفاظ على ثوابت شعبنا وفي المقدمه منها حق ىالعودة ، اضافة الى دوره المميز في تشكيل لجنة المتابعة للقوى الوطنية والاسلامية ومساهمته في معالجة ظواهر الفلتان الامني وكل الاشكالات الداخلية ، حيث حاز رفيقنا القائد على ثقة شعبنا وقيادته ، تعاهد شعبنا وامتنا واحرار العالم في المضي قدما حتى انتزاع الحرية والنصر ودحر الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس ، وان تستمر في مسيرة الكفاح والنضال على درب شهدائها الأمناء العاميين حتى تحرير الأرض والإنسان.

الأمانة العامة
لجبهة التحرير الفلسطينية
فلسطين في 13/ 5 / 2007

خفايا في حياة الشهيد الرئيس ياسر عرفات

على الرغم من العمل الطويل للثورة الفلسطينية فإن فك رموز الرئيس ياسر عرفات الشخصية، ليست بالأمر الهين، فمن يعرفه جيدا قد لا يستطيع البوح بأسراره لفك الرموز المحيطة بالشهيد القائد ياسرعرفات، واستنطاق ملامحه الشخصية وتجاربه الذاتية في اطاره كإنسان.. وسياسي...وزعيم...وفلسطيني.
حيث اكد الاخ المناضل الاستاذ" يحي رباح، سفير فلسطين في اليمن سابقا، وأحد المقربين من الرئيس الشهيد، الذي رافقه في رحلة النضال منذ فجر الثورة حتى تاريخ استشهاده. إنه لم يكن يوما عابسا، إذ تعرف عليه في عام 1968 في مقر إذاعة صوت العاصفة الناطقة باسم حركة فتح في ذلك الوقت، والتي كان مقرها (4 شارع الشريفين، في مدينة القاهرة) وقد كان هذا المقر أصلا لأول إذاعة مصرية. ويضيف "منذ ذلك الوقت انجذبت إلى هذه الشخصية، وكلما كنت اقترب منه أكثر، كنت اكتشف قوة إضافية وصفة هائلة في هذه الشخصية.
فيما بعد انتقلت إلى العمل في ساحات أخرى – يقول رباح- في الأردن والجزائر وسوريا ولبنان، ثم للعمل في القوات العسكرية للثورة الفلسطينية في العرقوب في جنوب لبنان وشمال سوريا، وخلال عملي في القوات العسكرية ازدادت معرفتي بالرئيس عرفات وازداد التصاقي به، وبعد ذلك عدت مرة أخرى إلى الإعلام وعملت مديرا عاما للإذاعات الفلسطينية، ثم سفيرا لفلسطين في الجمهورية اليمنية.

محاولات الاغتيال:
تعرض الرئيس الشهيد ياسر عرفات طوال مسيرته النضالية إلى العديد من محاولات الاغتيال بلغت أكثر من 13 محاولة اثنتان منها بالسم وما اعرفه أكثر من 30 محاولة اغتيال.
ولكن هناك عشرات محاولات الاغتيال للرئيس بالسم أو بالقصف، وأصبح الرئيس عرفات في حصار بيروت لا يستطيع التحرك في الأيام الأخيرة، فما أن يخرج من بناية حتى تكون قد جاءت الإخباريات وتقصف تلك البنايات التي كان يقضي فيها يوما، وكانوا يبحثون عنه بالطائرات لكي يغتالوه، أيضا عاش فترات صعبة في حياته نتيجة المعلومات التي كانت تؤكد له انه ملاحق بالاغتيال.
ففي سنة من السنوات قضى بضعة شهور يأخذ طعامه وماءه معه عندما يسافر إلى دول بعينها، مدعيا انه يمر بحالة صحية معينة وان الأطباء وصفوا له هذا الطعام وهذا الشراب، حتى لا يضطر أن يأكل من طعام تلك الدول التي يزورها لأنه كان لديه معلومات انه مدرج على قائمة الاغتيال، وكان عندما يأوي إلى النوم بعد أكثر من 20 ساعة من العمل يعلم أن رأسه موضوع على مخدة من المتفجرات، لا يعرف إذا كانت ستنفجر الآن أم لا، وعاش كل حياته على جناح وتوقعات الخطر.

ذاكرة حديدية:
ويرصد رباح مزايا الرئيس ياسر عرفات التي يصفها بالخارقة إذ عرف عنه القدرة الفائقة على العمل والحركة المستمرة بحيث انه كان دائما يعمل أكثر من 20 ساعة في اليوم الواحد، وتمتعه بذاكرة خرافية تحفظ ملايين من التفاصيل وأسماء الناس، وكان لا ينسى وجها رآه على الإطلاق.
ويشير رباح إلى جوانب أخرى في شخصية الرئيس الشهيد تتمثل بطاقة الإيمان والشجاعة الهائلة التي يمتلكها، يستذكر رباح عن الفترة التي كان يعمل خلالها في قواته العسكرية في جنوب لبنان مفوضا سياسيا للقوات المشتركة الفلسطينية اللبنانية في جنوب لبنان "كان الرئيس عرفات يأتي لزيارتنا بشكل مفاجئ أثناء المعارك بيننا وبين قوات العدو الصهيوني في بعض المناطق، وكنا نرجوه حرصا على سلامته أن لا يصل إلى الخطوط الأولى ومواقع الاشتباك، ونقول له أننا سنضعك في الصورة وعلى تفاصيل العمليات، لكنه كان يرفض ذلك رفضا شديدا، ويذهب إلى موقع كل معركة والى كل مكان تدور فيه الاشتباكات بنفسه.
ويستذكر رباح كذلك المعارك التي كانت تدور في النبطية عام 1979 أن موكب الرئيس الشهيد ابو عمار وصل عن طريق الزهراني النبطية، بينما كان في انتظاره الحاج إسماعيل جبر على الطريق، وكان الحاج إسماعيل في ذلك الوقت قائدا للقوات المشتركة في جنوب لبنان، وقلنا له إن قصف طائرات ومدفعية العدو الصهيوني على موقعنا كثيف جدا، نرجوك أن لا تذهب إلى النبطية، لكنه أصر، وعدنا نحن معه مرة أخرى إلى موقع المعركة، وفي ذلك اليوم أصيب بشظايا صغيرة في وجهه ويديه نتيجة القصف، ولأن الصهاينة تمكنوا من مراقبة موكبه وهو يتقدم باتجاه الموقع ، اضطررنا تحت كثافة القصف أن نوجه موكبه في اتجاه ، وأخذناه نحن في سياراتنا باتجاه.
ويستذكر رباح أيضا أن الرئيس ياسرعرفات خلال عملية ما تسمى عملية الليطاني عام 78 – الاجتياح الصهيوني المحدود لمناطق من جنوب لبنان- كان يصل إلى أقصى خطوط الاشتباك، "وفي احدى المرات رأينا الأخوة الشهداء القادة أبو جهاد و أبو الوليد يحاولان معه مغادرة النقطة التي يقف فيها لأنه كان عرضة لأكثر درجات الخطر، حيث كان يقف على جسر القاسمية على مداخل مدينة صور الذي يعتبر آخر نقطة للاقتراب من قوات العدو، وبصعوبة بالغة تدخلنا برجائنا الشديد إلى أن تمكن من مغادرة هذا المكان بعد أن وعدناه أن نقوم بتنفيذ كافة التعليمات التي أصدرها إلينا.
كان الرئيس الشهيد ياسر عرفات دائما وفقا لرباح يجسد القول التاريخي لكل زعيم كبير (اتبعوني) ولا يقول اذهبوا وإنما يقول اتبعوني أنا ذاهب أمامكم، وفعلا كان من خلال زيارته لأشد المواقع خطورة يعطي مثلا ونموذجا لآلاف من المقاتلين الذين جاؤوا طوعا وتركوا قراهم وبلادهم وإعمالهم وجامعاتهم، وكانوا دائما بحاجة إلى زعيم يعطيهم هذا الإلهام وهذه القوة المعنوية.

فراسة نادرة:
وإلى جانب حرص الرئيس الشهيد على تقدم مواقع القتال ومتابعة مجريات المعارك من داخل الميدان، فقد تمتع بحدس قوي وفراسة نادرة. وكما يقول رباح فإن عرفات يملك هذا الحدس الشديد سواء الأمني أو الحدث، ويستذكر رباح انه قبل شهرين أو ثلاثة أشهر من الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 "زارنا القائد الرمز في الجنوب، وذهبنا معه إلى صور، حيث أصر على الالتقاء مع عدد كبير جدا من الكوادر من الذين هم على رأس قواتهم وكتائبهم، وأصر على أن يتصور معنا جميعا صورا جماعية وفردية قائلاً: لا أحد يعرف إذا كان أصحاب هذه الصور سيلتقون ثانية أم لا.
ويتابع رباح "العجيب انه بعد قرابة 3 شهور وقع الاجتياح الصهيوني الكبير للبنان، وحصار بيروت واجتياحها، واستشهد عشرات من الذين كانوا في تلك الصور مع الرئيس، وتفرقت بهم السبل وكانت نبوءاته صادقة ودقيقة جداً.
كانت للشهيد ابو عمار قراءة واسعة ودقيقة جداً للأوضاع السياسية وكثيرا ما كان يحدثنا في جلساته معنا ما الذي سيجري من أحداث، وكنا نحن نستغرب، ولكن التجارب أثبتت على الدوام صدق تقديراته نتيجة الذكاء الشديد، والقدرة على المتابعة التفصيلية لانغماسه الكلي في عمله.

في سفوح جبل الشيخ:
كان الرئيس ياسرعرفات يؤمن أن الاتصال المباشر هو أفضل الطرق لتوصيل الرسالة واستقراء الأوضاع وكما يقول رباح فإن الرئيس الرمز يكاد يكون المبتدع الأول والاهم لنظرية الاتصال المباشر؛ لانه كان يعرف أن مشكلة الشعب الفلسطيني وعقدته الرئيسة هي في الشتات الواسع على مدار الكون، وكان عبر نظرية الاتصال المباشر يسعى دائما لان يكون على صلة مع هذا الشتات، وكان حين يذهب إلى بنغلادش أو الهند أو دول أمريكا اللاتينية يحرص على أن يرى الفلسطينيين هناك حتى لو كانوا على أصابع اليد الواحدة، حتى أنه كان يصر على أن يذهب إلى المواقع التي يصعب الوصول إليها.
فكان على سبيل المثال كلما أتى لزيارتنا في جنوب لبنان في قطاع النبطية يصر على أن يذهب إلى قلعة الشقيف، وكان يصعد على قمة القلعة التي يصعد إليها الشباب بالكاد، لكي يسلم على المقاتلين الموجودون في مواقعهم وخنادقهم، وكانت أيضا لدينا مواقع صعبة جدا بالغة الصعوبة في السفوح الغربية لجبل الشيخ، في رويسات العلم وغيرها، وكان يصر على أن يصل إلى أولئك المقاتلين الموجودين في المواقع، حتى في فصل الشتاء حين كانت الثلوج متراكمة.
وكان أيضا على صلة شديدة بالآلاف من هؤلاء المقاتلين الذين يعملون تحت قيادته، كان يتابع صحتهم وأخبار عائلاتهم، ويسال عن أولادهم إذا كانوا يعانون من بعض المشاكل المرضية أو غير ذلك.

شديد الاعتزاز بشعبه:
كان لدى الرئيس عرفات ثقة كبيرة جداً بالشعب الفلسطيني والانسان الفلسطيني، ويفتخر دائماً حين يقارن أعداد الحاصلين من الفلسطينيين على شهادات عليا بمن حصلوا عليها من دول أخرى، ويشعرنا بالتفوق، وكان عندما يجد أديبا فلسطينيا له كتاب شهير أو ديوان شهير يأخذ نسخا منه ويوزعه على الآخرين في زياراته لهم حتى لو كانوا رؤساء أو ملوكا أو أمراء، ويسعد لان يقدم لهم كتاب الشاعر الفلاني أو رواية هذا الأديب الفلاني، وكان اعتزازه بكل إبداع فلسطيني وكل نبوغ فلسطيني لا حدود له، ويفخر دائما بأن يأخذ بعض هؤلاء النابغين الفلسطينيين معه في طائرته لكي يقدمهم إلى شخصيات أخرى في العالم.

تقشف ممزوج برقة في الطباع:
يكاد الرئيس عرفات يكون متقشفا في حياته الشخصية إلى أقصى الحدود ، وقد فرض شروطا قاسية على حياته. كان لفترات طويلة من الزمن يرتدي بعض قطع الملابس التي أخذها من زملائه الشهداء في اللجنة المركزية، "وكان يقول لنا هذا السروال الذي ألبسه، سروال الشهيد أبو صبري، أو أن هذا القميص أخذته من فلان الفلاني، وكان في بعض الأحيان إذا تمزقت بعض ملابسه يحيكها بنفسه ويصلح أزرارها، وكان دائما معه عدة الخياطة في حقيبة أدواته الخاصة المليئة بكمية متنوعة من الحبوب والأدوية التي يعالج بها نفسه.
ومراعاة لصحته ووزنه وكي يتمكن دائما من أن يكون في اللياقة الملائمة، كان يعيش تحت نظام غذائي قاس، في بعض الأحيان كان لا يأكل سوى بضع جرامات في اليوم الواحد ويعرف كل من تناول الغذاء أو العشاء أو الإفطار معه أن من بين عاداته الثابتة انه يطعم جميع الجالسين حوله من الطبق الذي أمامه، ويناولهم الطعام بيده، ويجعلهم يشعرون بالقرب الشديد منه.
وكان الاخ الرئيس لديه نقطة ضعف خاصة جدا تجاه الأطفال، فلم يكن يتوانى حتى ونحن في اشد الضائقات المالية عن تقديم المساعدات لعلاج الأطفال مهما كانت التكاليف باهظة ، وكان يقول أن هؤلاء الأطفال لهم الأولوية، حتى عندما كنا كمنظمة أو كثورة فلسطينية نمر بضائقات مالية كان لا يتخلى عن هذا الدور وينفذه رغم بعض الاحتجاجات. ولم يفرط الأخ أبو عمار على الإطلاق بعائلات أعدائه وخصومه، الذين تمردوا عليه وانقلبوا عليه ووجهوا له الأذى والإهانات، ويقول عن ذلك "هم شيء وأولادهم وعائلاتهم شيء آخر"، ويستمر في صرف مستحقات تلك العائلات، ويقدم المساعدات ، أو يسال عن أحوالهم ، و"لا تنسى أن الأخ ياسر عرفات ابتدع قانونا إنسانيا مثيرا للاعتزاز والافتخار ، وهو انه ظل يصرف مستحقات ومخصصات عائلات الجواسيس، كان يقول أن هؤلاء الأولاد لا يجب أن يتحملوا أوزار آبائهم.

حرب اكتوبر:
كانت للرئيس عرفات رؤى تعتبر خارقة، فبعد نكسة 67 التي حلت بالعرب تلك الهزيمة المجلجلة جاءه بعض قادة الفصائل الفلسطينية وهم معروفين وطلبوا منه إلغاء الثورة وقالوا: إذا كانت الدول العربية القوية قد احتلت في بضع ساعات فماذا سنفعل نحن كمناضلين صغار بأسلحة بالكاد احدنا يملك بارودة فردية صغيرة. لكنه اخذ قرارا باستمرار الثورة رغم فداحة الخسائر هو الذي أعاد الحياة ليس فقط للقضية الفلسطينية بل حرض الأمة العربية على اتخاذ قرار حرب الاستنزاف وإزالة آثار العدوان التي تجسد في انتصار حرب أكتوبر عام 1973.
بعد الهزيمة الكارثية التي حلت بالعرب عام 67 حين احتلت العدو الصهيوني في بضع ساعات لضفة الغربية وقطاع غزة والجولان والحمة السورية وصحراء سيناء، صار هناك انهيار الثقة بالنفس التي سادت العالم العربي، وكان مجرد لبس الزي العسكري يعتبر مهانة في العالم العربي، وكان المواطنون يتندرون بالدعابات القاسية عندما يرون ضابطا يلبس بزته العسكرية ويضع الرتب على أكتافه، كانوا يسلخونه بالسنة حداد نتيجة حالة اليائس والإحباط.
وفي هذه المرحلة، لا أحد يستطيع إلا أن يقر ويعترف بأن الذي قاد عملية النهوض المعنوي في هذه الأمة، هو رجل اسمه الرئيس ياسر عرفات، أصر أن يلبس زيه العسكري، وأن يتحرك في دمشق وبيروت بسيارته "الفولوكس فاجن" المموهة والمرقطة بالطين، حتى أن قيادة الأركان في البلدين في ذلك الوقت طلبت منه أن يتخلى عن الزي العسكري، وأنه لا داعي لتمويه السيارة تمويها عسكريا، لأن الحالة المعنوية كانت في الحضيض، إلا أنه أصر على ذلك وشكل بذلك رافعة معنوية.
وفي أعقاب النكسة أيضا، قال موشيه دايان قولته المشهورة: " إنني جالس بجوار هاتف منزلي انتظر من القادة العرب إعلان الاستسلام"، لكن ردا على هذا الانتظار بدأ عرفات بهؤلاء الفدائيين البسطاء ذوي التجهيزات البسيطة حرب استنزاف ضد إسرائيل، وجعلها لا تستمع بالنصر ولا تشعر بالراحة والطمأنينة، وبدأ ببناء القواعد العسكرية على طول خط نهر الأردن في القاطع الشمالي في الأغوار الشمالية والوسطى والجنوبية التي انتشر فيها الفدائيون، وقاموا بعمليات كثيرة في اليوم الواحد في العمق الإسرائيلي وعلى الحدود، وعمليات قصف بما توفر لديهم، وعمليات بـ"الآر. بي.جي" وكل أنواع الأسلحة التي كانوا يمتلكونها.
نشر الرئيس عرفات هذه القواعد في الجولان، وبدأ عبر ممر جبل الشيخ ينشر بعض بدايات هذه القواعد في لبنان في منطقة العرقوب، وفي بقية مناطق الجنوب اللبناني، وهذا يؤكد بالدليل القاطع على أن أول من قام بعمليات حرب الاستنزاف ضد الكيان الصهيوني وجعل هذا الكيان لا يشعر بالراحة والطمأنينة للانتصار التي حققه عام 67 هو ياسر عرفات، وكان هذا هو المدخل للجيوش العربية لأن تحذو حذوه.
من هنا بدأت فكرة حرب الاستنزاف التي تبناها جمال عبد الناصر، والقيادة السورية، ومعروف أن المصريين أنفسهم قاموا بتكوين منظمة "سيناء العربية"، وقاموا بعد ذلك بعمليات في سيناء، وتواصلت وهذه الحرب حتى أعيد على ضوئها بناء الجيش المصري الذي حقق انتصار عام 73.

عرفات في القرارات الصعبة:
اتخذ الرئيس ياسر عرفات قرارا يتجاوز المقاييس العسكرية والموضوعية المعروفة للبشر حين قرر خوض معارك الكرامة في 21/3/1968 وكان يرى الفرق المدرعة الصهيونية تتقدم على هذه المجموعة القليلة من الفدائيين الذين كانوا يملكون رشاش دوشكا واحد فقط في الكرامة في غور الأردن، وهو يعرف أن موازين القوى مختلة بشكل صاخب، ولكنه أصر على أن يأخذ قرارا بخوض المعركة.
وقعت المعركة وانتصرنا فيها وكانت هي الفعل الأول الذي أعاد الثقة للأمة العربية بأنها قادرة على الانتصار بعد 9 أشهر من الهزيمة المدوية في عام 67، وكانت أول انتصار عربي اثبت للأمة العربية أنها فعلا قادرة أن تتحمل فداحة الجرح وان تصنع الانتصار من جديد.
ورغم أن الكثيرين من الذين عملوا معه، وكانوا على اتصال مباشر معه يؤكدون أنه كان يمسك بخيوط اللعبة وأن أحداً لم يكن يملك أي قرار ، وأن من يتخذ القرار هو فقط ياسر عرفات، وأن أي تفويض باتخاذ قرار لأي شخص لابد أن يكون بأمره، إلا أنه لم يكن فرديا في قراراته، كان يعمل على الأقل 20 ساعة يومياً، وقد قضى معظم عمره ليس له عائلة، فلم يكن له زوجة ولا أولاد ولا بيت بمعنى البيت، فلم يكن هناك شيء يشغله على الإطلاق عن العمل، لذلك كان متفرغا لهذه القضية ولأعبائها.
الرئيس عرفات كان قادرا أن يكون الملهم وان يصنع من حوله إجماعا لايتوفر لأشخاص أو إطارات أخرى، لذلك كان من يقبلون به لا يقبلون بغيره بسهولة، لأنهم يرونه طوال اليوم والنهار يعمل من اجل هذه القضية، لا يملك شيئا سواها، وعندما تفرغ للعمل بشكل نهائي لهذه القضية كان لديه شركتي مقاولات في الكويت، ترك كل ذلك وجاء لكي يرتدي البزة العسكرية ويضع مسدسه على وسطه الذي لا يفارقه لآخر لحظة، لذلك كان وجوده ضروريا وملحا، وهذا لا يعني أنه لم يعط صلاحيات لأحد، على العكس، كان عرفات يدفعنا دفعا إلى أن نأخذ صلاحيات، وكان يكبرنا ويعطي إضاءة ويسلط هذا "البروجكتور"على أشخاصنا لكي نقوم بالأعباء المكلفين بها، فقد أرسلنا سفراء ولم يكن أحدنا قد قرأ ولو صفحة واحدة عن أصول الدبلوماسية، ولكنه بالثقة والمتابعة أقنعنا ودب فينا روح المعنوية أننا نصلح أن نكون سفراء رائعين.
قوة شخصيةالرئيس عرفات لا تعني انه كان شخصا فرديا، على العكس كان هو الذي يشجعنا على الاختلاف معه، وكان يفرح بنا حين نختلف معه، وكان يرعى هذه الخلافات لان هناك طبعا فرقا بين الخلافات في الرأي وبين الخروج من البيت الفلسطيني، فهو صاحب شعار فتح العظيم "دع ألف زهرة تتفتح في البستان الفلسطيني" وكان يسعى دائما إلى أن تتفتح الزهور في الحديقة الفلسطينية وألا تغادرها وتذهب إلى حدائق أخرى.


إعلامي من الطراز الأول:
وعلى الرغم من أن الرئيس عرفات لم يكن خطيبا بليغا، إلا أنه كان يمتلك قلوب مستمعيه بكلمات بسيطة، وشعارات استمدها من وحي الثورة الفلسطينية ومراحل تكوينها، كما كان يستدل في كثير من خطاباته المرتجلة بأحاديث نبوية محددة "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين..."، وآيات محددة من القرآن الكريم: "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين".
وكان الرئيس عرفات مع كل هذا إعلامياً بارزاً، تجلى حسن استخدامه للإعلام من خلال استقطاب عدد كبير من مراسلي وسائل الإعلام. وكان لديه باع طويل وصداقات واسعة النطاق على الصعيد الإعلامي العربي والدولي ، وقبل أن تعلن فتح عن نفسها في 1/1/1965 وعلى سبيل المثال، في احد مهرجانات الشباب لم يكن هناك شيء اسمه فلسطين ، وبالتالي لم يكن هناك دعوة لفلسطين حتى تشارك في هذا المهرجان الذي كان في دولة أوروبية، فذهب عرفات وتسلل من بين أسلاك وسياج الملعب الكبير الذي يجري فيه العرض، وفوجئ به الجميع وهو يقف بين الطوابير التي تسير وهو يحمل العلم الفلسطيني، وكان من الصعب جدا بعد أن التقطت تلك الصورة أن يخرجه أحد من هذا الاستعراض, هكذا كان الرئيس الشهيد.





سيبقى اسم "ياسر عرفات" شامخاً خفاقاً في سماء أمتنا
بقلم/ عباس م

يرتبط إسم الرئيس القائد "ياسر عرفات" بالقضية الفلسطينية منذ النكبة، حيث حمل القائد محمد القدوة "أبو عمار" هموم الشعب الفلسطيني وبدأ يفكر بانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة التي تعيد لهذا الشعب حقه المغتصب من الصهاينة، وهناك كان لقاء "أبو عمار" مع مجموعة من الشباب المتحمس لهذه الفكرة فبدأ العمل في بداية الأمر مع الشهيد القائد ورفيق دربه "أبو جهاد الوزير" والشهيد القائد "أبو إياد" والأخ المناضل "فاروق القدومي" حيث تمّ تأسيس إتحاد طلبة فلسطين وبدأت الخطوة الأولى من الكويت ومن ثم بدأت تصدر نشرة "فلسطيننا"، وبعدها بدأ التمهيد والتجهيز لانطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في العام 1958 من خلال الاتصالات مع مجموعة من الإخوة المناضلين، فكانت الانطلاقة المدوية للثورة الفلسطينية المعاصرة من خلال إنطلاقة الطلقة الأولى على يد أبطال العاصفة في 1/1/1965 بأمر من الرئيس "ياسر عرفات".
وغداً حين يُكتَب تاريخ أمتنا على صفحة المجد للثورة الفلسطينية المعاصرة فسيكون إسم الشهيد القائد الرمز الفلسطيني العربي الزعيم الخالد الرئيس "ياسر عرفات" متصدراً أسماء كل قادة ثورات العالم حيث أنه واكبها جميعها ووقف إلى جانبها وإلى جانب إسم "أبو عمار" الزعيم الراحل الرئيس "جمال عبد الناصر" والشهداء القادة الذين ينحني لهم التاريخ أمثال أمير الشهداء "أبو جهاد الوزير وإخوانه "أبو إياد" و"أبو الهول" وفارس فلسطين الشهيد القائد "أبو العباس" الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية ورمز الانتفاضة الشهيد القائد "أبو علي مصطفى" وشيخ المجاهدين الشيخ الجليل "أحمد ياسين" والدكتور "فتحي الشقاقي" و"سليمان النجاب" ومانديلا فلسطين "عمر القاسم" والقادة "زهير محمد" و"عبد الرحيم أحمد" و"طلعت يعقوب" و"سعيد اليوسف" و"وديع حداد" و"نبيل قبلاني" و"جهاد جبريل"، كل هؤلاء ستتصدر أسمائهم صفحات مجد شعبنا وأمتنا وسيكون إسم الرئيس "أبو عمار" كرمز لتجسيد العلاقة بين قضية فلسطين وقضايا الأمة والعالم.
وغداً أيضاً حين سيفتح تاريخ البشرية سجلاً فاضحاً لانتهاكات الدولة العنصرية في العالم وهي دولة الكيان الصهيوني وفي الوقت نفسه وفي عصر المطالبة بحقوق الإنسان وتصنيف القانون الدولي سيكون إسم الرئيس "ياسر عرفات" الذي اغتالته قوات الاحتلال الصهيوني بحصارها له في مقر المقاطعة في رام الله على مدار ثلاثة سنوات شديدة الوضوح فعملية الاغتيال واحدة على يد جزارين يمثلان وجهان لعملة واحدة ألا وهي عملية القضاء على القادة والمناضلين في أصقاع البلاد فها هو الأمر نفسه حدث حين تم اغتيال الشهيد القائد "أبو العباس" في معتقله الأميركي في العراق في ظروف غامضة.
واليوم نقف هنا لنودع هرماً من أهرام الزمن، فها هو "أبو عمار" يغادرنا ذاك القائد الذي أحببناه كأب لجميع الثوار والمناضلين ولكن ستبقى كوفيته في ذاكرتنا نحن أبناء الشعب الفلسطيني والأمة العربية باعتباره الرمز العربي الفلسطيني والقائد التاريخي للثورة الفلسطينية الذي حمل غصن الزيتون بيد والبندقية بيد أخرى، ليضع فلسطين على خارطة الأمم، ففي هذا الزمان ليس من السهل إيجاد قائد يملأ فراغه لأن الخبرة والثقة والروح القيادية العالية التي يتمتع بها "أبو عمار" من الصعب تعويضها.
أما في ما يتعلق بخلافة الرئيس الشهيد القائد الرمز "أبو عمار" فالثقة بالرئيس المناضل رفيق درب ابو عمار كبيرة في قيادة المسيرة الفلسطينية على ارض الوطن ووفي اماكن اللجوء والشتات والمنافي وذلك من خلال انتخابه رئيسا للسلطة الوطنية وللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وقد حدد الإستراتيجية السياسية الفلسطينية الجديدة لمستقبل القضية الفلسطينية من خلال بيانه الانتخابي، وعلى هذه الارضية نؤكد بان بات على جميع القوى والفصائل تحت تكون تحت سقف البيت المعنوي للشعب الفلسطيني منظمة التحرير لأن المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والعمل على تفعيل مؤسساتها.
وهنا لا بد من القول أنه بالرغم من القلق إلا أننا لا يسعنا سوى الإيمان بقدرة الشعب الفلسطيني على تجاوز المحن والانطلاق مجددا نحو التأكيد على وحدة الصف وذلك من خلال الحوار الوطني وتحديد الصلاحيات بين للجنة التنفيذية والحكومة الفلسطينية التي تؤكد على جماعية القيادة والائتلاف الوطني وهذا ما نراه من خلال الإخوة المكلفين بمتابعة المهام.
وفي هذه اللحظات نفتقد "أبو عمار" الذي سيبقى إسمه شامخاً خفاقاً في سماء أمتنا، ونترحم عليه ويبكيه كل مَن أحبّه، وإن الشعب الفلسطيني والجماهير العربية والأحرار والشرفاء في العالم سيتازكروا وداعه في باريس والقاهرة ورام الله وفي كل أرجاء الأرض، ليمضوا قدماً في مسيرته، مسيرة الثورة الفلسطينية المعاصرة ومسيرة الحفاظ على الثوابت الوطنية والانتفاضة والمقاومة وعلى رسالته التي خطّها بيده وأكد عليها ودفع ثمنها صموداً واستشهاداً وهي رسالة الاستمرار في طريق الثورة حتى النصر ورفع شبل من أشبال فلسطين علم فلسطين فوق مآذن القدس، فهذه أمنية "أبو عمار"، فالثورة مستمرة حتى تحرير كل الأراضي الفلسطينية المحتلة من رجس الاحتلال الصهيوني ولا تهاون ولا تنازل عن الثوابت الوطنية حتى استعادة حقوق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.

ماذا عن المصير الحقيقي للقائد العسكري سعيد اليوسف عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية ؟


لنعمل بكل جهد من أجل الكشف
عن مصير القائد "سعيد اليوسف"

ماذا عن المصير الحقيقي للقائد العسكري سعيد اليوسف عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية ؟
كلما يطرح موضوع المفقودين والأسرى الفلسطينيين والعرب.. يخطر ببال الكثيرين ممن يذكرون المناضل القائد سعيد اليوسف عضو المكتب السياسي والقائد العسكري لجبهة التحرير الفلسطينية، الذي فقد في اثناء الاجتياح الصهيوني للبنان صيف عام 1982 سؤالا محيراً: ماذا عن مصير هذا المناضل الكبير الذي بقي مجهولا لغاية الآن؟! فقد قيل أن هناك عدداً من المناضلين الذين فُقدوا خلال معارك الشرف والتصدي البطولي على أرض لبنان قد وقعوا أسرى لدى القوات الصهيونية وقد تعمد العدو عدم الكشف عن مصيرهم!! إذا كانت هذه المعلومات تحمل شيئاً من الصحة فكيف يمكننا معرفة إذا كان القائد "سعيد اليوسف" أحد هؤلاء أم لا؟ وإذا كان لا.. فما هو الدليل الذي ينفي ذلك؟ أما إذا ظل الأمر مجهولاً فإن ذلك ليس طبيعياً ويدعو إلى مزيد من الحيرة.. ومن هنا تقع المسؤولية اليوم على منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية والحكومة الفلسطينية من أجل الكشف عن مصير هذا القائد وكل الأخوة المفقودين ومنهم المناضل "يحي سكاف" بطل عملية دلال المغربي وحسمه ووضع حد نهائي لهذا التساؤل وخاصة أن قيادة الجبهة تعمل بكل جهدها في لبنان من خلال اتصالاتها مع المقاومة من أجل كشف مصير القائد "سعيد اليوسف".. هذا المناضل الشجاع الذي فقد خلال قيامه بمهمات قيادية ميدانية في ظروف المواجهة الصعبة التي خاضها مقاتلي القوات المشتركة الفلسطينية اللبنانية في وقفة بطولية نادرة أثناء تصديهم لقوات الغزو المجهزة بأحدث أنواع الأسلحة المدعومة بالدبابات والآليات المدرعة والطيران في معارك مكشوفة على طول خطوط تقدمها وانتشارها في مناطق الجنوب اللبناني والبقاع والجبل.. وقد كان هذا القائد البطل واحداً من أبرز القادة الذين اختاروا القتال في أخطر وأقسى ظروف القتال من أجل الدفاع عن الثورة ولبنان بروح انضباطية قلّ نظيرها. لقد عرفت القائد "سعيد اليوسف" أبو شادي كما عرفه الكثيرون مناضلاً فذاً.. ومقاتلاً شجاعاً لا يعرف الخوف، وقائداً ميدانياً متميزاً بقدراته وإقدامه وانضباطه والتزامه وتفانيه من أجل الهدف الأسمى فلسطين.. ومَن يعرف "سعيد اليوسف".. ويعرف عن صفاته وقوة شجاعته يدرك أن احتمالات الشهادة واردة.. واحتمالات الأسر واردة في حال نفذت منه الذخيرة تماماً.. والسؤال سيظل يطرح نفسه بإلحاح: ما هو المصير الفعلي لهذا القائد الفلسطيني الشجاع؟ وفي لحظة صفاء لا بد من تحية وفاء لهذا القائد المناضل "سعيد اليوسف".

كل الوفاء للقائد الشهيد "طلعت يعقوب"

شهيد إعلان الاستقلال
بقلم / عباس الجمعة

كل الوفاء لمناضل وقائد اَمن بالوحدة الوطنية ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية والتمسك بالثوابت الفلسطينية وبالحفاظ على الجبهة ووحدتها فكان حضوره المجلس الوطني الفلسطيني التوحيدي في الجزائر عام 1988 دورة اعلان الاستقلال الفلسطيني حضوراً متميزاً فوقف ليعلن عبر تشابك الايادي مع رفيق دربة الشهيد القائد قمر فلسطين ابو العباس إعادة اللحمة لصفوف جبهة التحرير الفلسطينية والتي كانت الخطوة الاولى التي لم يفرح بها مناضلو الجبهة حيث استشهد القائد طلعت يعقوب في 17/11/1988 بعد ان اصيب بازمة قلبية حادة اودت بحياة ذلك المناضل العنيد والقائد الذي كان له دوراً قيادياً ووطنياً على المستوى الفلسطيني والعربي.
واليوم نؤكد الوفاء للشهيد القائد المناضل طلعت يعقوب ونحن نودع فارس الفوارس قائد سفينة نجاة شعبنا المارد الفلسطيني العربي الكبير الرئيس المناضل الشهيد " ياسر عرفات " رئيس دولة فلسطين بعد صمود وحصار في مقر المقاطعة على مدار ثلاث سنوات حتى امتدت الايادي الصهيونية لاغتيالة بالمواد السامة, هذا وقد غادرنا قبله فارس فلسطين وقمرها رفيق دربه حامل الامانة الشهيد القائد الكبير " محمد عباس ابو العباس " الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية وقبله ايضاً غادرنا الشهداء القادة شيخ المجاهدين احمد ياسين وابو علي مصطفى الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الذين غدو نجوم ساطعة الى جانب الابطال الذين استشهدو خلال اعوام الانتفاضة وهنا لا ننسى اخوة ورفاق طلعت يعقوب وفي مقدمتهم القائد العسكري للجبهة " سعيد اليوسف " و " مروان بكير" و " حفظي قاسم" و " ابو العمرين " هذه الكواكب التي بزغت في سماء فلسطين على طريق تحرير الارض والانسان.

واليوم في ذكراك يا ابا يعقوب ذكرى الوفاء لمسيرتك ونهجك الذي جسدتة في كافة المحطات التي واجهت مسيرة الثورة الفلسطينية المعاصرة ولعبت دوراً اساسياً في حماية القرار الفلسطيني المستقل الى جانب رفيق دربك الشهيد القائد ابو العباس وذلك كي يبقى خط جبهة التحرير الفلسطينية متميزاً داخل الساحة الفلسطينية, نؤكد لك اننا سنكمل مسيرة النضال التي استشهدت من اجلها انت ورفيق دربك الرفيق "ابو العباس" بالحفاظ على الجبهة تلك المدرسة النضالية التي قدمت قوافل الشهداء من اجل فلسطين فهذه الامانة اليوم يتحملها المناضل عمر شبلي "بو احمد حلب"الامين العام للجبهة و الامانة العامة واللجنة المركزية هذه المدرسة التي ستبقى مدرسة الانجازات الوطنية مجسدة في افعال كل المناضلين الذين تشربوا حب الاخلاص لجبهتهم وقضيتهم دون الالتفات الى سماع كلمات التقدير والثناء, رغم انه من الصعب ملىء الفراغ الذي تركه الشهيدان القائدان " طلعت يعقوب وابو العباس " بخبراتهم الا ان نهج العمل الذي اخطه شهيد الاستقلال القائد " طلعت يعقوب " و فارس فلسطين الشهيد القائد " ابو العباس" قادر ان يكون منارة لكل الذين عملوا تحت قيادتهم.

فقد كان قدر هؤلاء الابطال هو الاغتيال على ايدي قوات الاحتلال, اذا كنا نعني الاحتلال الصهيوني او الامريكي على حد سواء فالاثنان وجهان لعملة واحدة, فها هو الشهيد القائد رمزالمقاومة " ابو العباس" الذي حمل الامانة ومضى في قيادة سفينة الجبهة الى بر الامان قد اعتقل في بغداد عاصمة الرشيد من قبل قوات الاحتلال الامريكي حيث تعرض لشتى انواع التعذيب على ايدي المخابرات الصهيونية الامريكية حتى اغتياله, ظناً من هؤلاء المجرمين ان اغتيال رمز الجبهة سيؤدي الى انهائها, الا ان ظنونهم بائت بالفشل لان علاقة الرفيق الشهيد ابو العباس بالجبهة لم تكن علاقة اوامر بل كانت علاقة حياة كاملة غرس فيها وزرع فيها وحرث حتى تعطي الارض كل ما عندها, وعاش حياته ومارس نضاله بطريقة ملهمة ستنتقل كما ينتقل النسيم دون ان يستطيع احد صده, وهذه الامانه التي تحملها الشهيد القائد ابو العباس من الشهيد القائد طلعت يعقوب ستبقى امانة بيد من خلفهم في قيادة الجبهة وخاصة الامين العام عمر شبلي ابو احمد و الامانة العامة الرفاق ناظم اليوسف والدكتور واصل ابو يوسف حتى تبقى الجبهة وفية لشهدائها القادة ووفية لرمز المسيرة وقائد الثورة والرقم الصعب في كل المعادلات رئيس دولة فلسطين رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الفارس العربي الكبير المعلم الشهيد القائد "ياسر عرفات".
وختاماً نقول لمن امن بخط الجبهة ومبادئها وفكرها الوطني والقومي وقيادتها فان الجبهة ستبقى وفية لكل ابنائها.

الجمعة، 4 ديسمبر 2009

شـــــهـادات في "أبو العباس"


شـــــهـادات في "أبو العباس"


أبو العباس القائد المميّز
بقلم/ رفعت شناعة
مسؤول الإعلام المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان

شهدت الساحة الفلسطينية أدواراً مختلفة لقيادات تركت آثاراً مهمة، وبصمات ما زالت بارزة في هذا الجانب أو ذاك من جوانب الكفاح الفلسطيني على مدى أربعين عاماً من عمر الثورة ومسيرتها الشاقة بكل ما واجهته من عقبات وأزمات. واذا كانت حركة " فتح" و(م.ت.ف) قد شهدتا رموزاً أمثال ابي علي إياد وأبي إياد بما يمثلان من الصلابة والتماسك والعناد بوجه الاحتلال، والقدرة على المواجهة، وأيضاً الشهيد أبو جهاد مهندس الانتفاضة الأولى بكل ما يمثل من إبداع ثوري، وتصميم على ملاحقة الاحتلال على الاراضي الفلسطينية المحتلة، ومن تواضع اكسبه محبة الجميع، وجعله مدرسة تخرّج منها كبار الضباط والكوادر.
كذلك كان الشهيد القائد أبو العباس الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية من القادة المميزين سواء في سيرته الثورية عبر تصاعد الصراع مع الاحتلال الاسرائيلي أم خلال الفترة التي تلت الاحتلال الاميركي للعراق، وما خالطها من ظروف شاقة، وغامضة، فُقدت فيها أية إمكانية لتطبيق القانون، أو القرارات الدولية التي تنص على حماية المدنيين.
ونحن نتحدث عن الشهيد القائد أبي العباس تستوقفنا محطات بارزة في حياته لا بد أن نتحدث عنها وهي ما ميّزت شخصيته القيادية والنضالية في آن.
أولاً: لقد اكتسب أبو العباس موقعه القيادي من خلال التضحيات والعطاءات الثورية المتواصلة والتي أهٍّلته أن يرتقي في مراتبه القيادية من عضو لجنة مركزية، إلى عضو مكتب سياسي، إلى نائب للأمين العام، إلى تحمل مسؤولية الأمانه العامة للتنظيم دون منازع، فهو لم يُفرض من قبل أية دولة عربية أو إقليمية وانما كرًس حضوره القيادي عبر صياغة تجربته النضالية في العلاقات مع مختلف الأطر الفلسطينية، وداخل جبهة التحرير نفسها.
ثانياً: عزّز الثقة بينه وبين مختلف الأطر القيادية في جبهة التحرير الفلسطينية، من خلال الاحترام المتبادل، ومن خلال المؤتمرات التي جعلت الكادر يتعرف عليه اكثر بسبب مواقفه، وتحليلاته السياسية، وتقديره للمواقف وهذا ما جعل وصوله الى الموقع القيادي الاول امراً طبيعياًً بعيداً عن اي جدل.
ثالثاً: تميّز بحرصه المتواصل على بناء الكادر فكرياً وعسكرياً، وتربيته تربية ثورية أصيلة، وقد وضع لذلك البرامج، وهيأ الظروف المناسبة، وضمن بذلك استمرارية التنظيم، واستمرارية الفعالية النضالية في مختلف المجالات السياسية والتنظيمية والنقابية والعسكرية، وهذا ما يؤكد بعد النظر عنده رغم الظروف الصعبة التي القت بثقلها على الواقع الفلسطيني.
رابعاً: شخصيته القيادية مصاغة بشكل جيد من تجارب عديدة، ومن نماذج متعددة خاصة انه كان مقرّباً من الشهيد ابو جهاد، والشهيد ابو اياد، وخاصة انه كان محبوباً جداً من الرئيس ياسر عرفات، ومن هذه الشخصيات استفاد أبو العباس، اضافة الى التأثر بالشخصيات الثورية العالمية، وهكذا كانت شخصية ابو العباس شخصية فذة استطاعت ان تمسك بزمام امور التنظيم رغم الصراعات التي شهدتها الساحة الفلسطينية.
خامساً: تمتع بالجرأة في اخذ القرارات الحاسمة التي تنسجم مع مصالح الشعب الفلسطيني العليا، وهذا الحسم كان اكثر ما كان بعد اتفاق اوسلو، فهو على رغم معارضته للاتفاق، الاَّ انه كان هادئاً وموضوعياً في معارضته، كان يؤمن تماماً كأبي جهاد بأن ارض فلسطين هي ارض الصراع الاساسية، ومن اجل ذلك توجه بكل قدراته الى ساحة الفعل الاساسية، واستفاد من اول فرصة سمحت له بالعودة الى ارض الوطن لحضور المجلس الفلسطيني ثم استقرّ هناك لبعض الوقت الى ان شعر بضرورة المغادرة الى العراق لأسباب خارجه عن ارادته، فهو ملاحق اميريكاً واسرائيلياً، وجرت عدة محاولات لاغتياله.
سادساً: آمن بضرورة استمرار الكفاح المسلح وبرزت مقدرته العسكرية في التخطيط لعدة عمليات عسكرية كان ابرزها معركة الانزال على الساحل البحري الفلسطيني، فهو يثق تماماً بأنَّ ايمان الانسان بقضيته يبقى اكبر بكثير من التقدم التكنولوجي، والتفوق العسكري الذي يتمتع به العدو الاسرائيلي، ولذلك تنتصر دائماً ارادة الانسان وايمانه بحقه.
سابعاً: كان صاحب مواقف مبدئية، ولم تخضعه العوامل الضاغطة لأخذ قرارات مخالفة لقناعاته رغم معرفته بالنتائج المتوقعة، فهو قد قصد العراق لأنه وجد فيه قلعة المقاومة للأطماع الامريكية، ووجد في الشعب العراقي الشعب الملتف حول القضية الفلسطينية، ورغم معرفته بالتطورات الاّ انه ظلّ على وفائه لمبادئه ولمتطلبات موقعه القيادي والمسؤول ظلّ ثابتاً لأنه جزءٌ من المواجهة، وبعد سقوط بغداد تم اعتقاله، وظلّ العراق وحيداً يقاوم الى ان اعتقل ابو العباس في 14/4/2003 ولم تستمع قوات الاحتلال للنداءات التي صدرت عن اطراف فلسطينية ودولية وعربية، ومورس بحقه التعذيب الجسدي والنفسي، الاّ ان صلابته ادهشت وأزعجت العدو المحتل، فكان القرار باغتياله داخل السجن في وقت غاب فيه الرقيب والحسيب، استشهد ابو العباس في 10/3/2004 وأصبحت المشكلة هي اين سيدفن؟ وهل ستسمح الولايات المتحدة بدفنه حيث تمنّى؟ الغطرسة الامريكية تجاهلت حتى امنية القائد الفلسطيني بأن يدفن في فلسطين.
بالتأكيد ترك القائد الراحل ابو العباس فراغاً تنظيمياً لأن من سيخلفه يحتاج الى هذه المميزات، وهذه الخبرات، وهذه التجارب حتى يتمكن من أخذ الدور القيادي المطلوب. القيادات التاريخية التي عايشت الثورة منذ انطلاقتها ليس سهلاً تعويضها، الاّ ان الساحة الفلسطينية التي يقودها الرئيس ياسر عرفات قادرة على ان تصنع القيادات، والرجالات، وفي إطار التفاعل اليومي واكتساب الخبرات فلا خوف على الساحة الفلسطينية، فهي ولاَّدة وليست عاقراً، وما بُذِر فيها من بذور سينبت وينمو، ويصبح نصراً وحرية واستقلالاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفلسطيني المطارَد
بقلم / صخر أبو فخر

يرتبط اسم محمد عباس "أبو العباس" الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية (56 عاماً) بعملية اختطاف سفينة الركاب الإيطالية "أكيلي لاورو" في عام 1985، كما يرتبط بكثير من العمليات التي نفذت ضد إسرائيل عبر سنوات النضال الفلسطيني ومنها العملية التي نفذها الأسير اللبناني "سمير القنطار" في العام 1987. لكن قصته تمثل حياة أي فلسطيني شرد من وطنه والتزم العمل الثوري وأصبح مطارداً حتى وإن تخلى عن الكفاح المسلح.
وأفلت "أبو العباس" الذي اعتقلته القوات الأميركية بعد غزو العراق، من كل محاولات تقديمه للمحاكمة في قضية "أكيلي لاورو" بسبب مشكلات قانونية وديبلوماسية منها سقوط التهمة بالتقادم حسب القانون الأميركي.
وكان "أبو العباس" القوي البنية والمصاب بجروح من شظايا في جبهته، مطلوباً في إيطاليا وإسرائيل بتهمة الإعداد لخطف السفينة "أكيلي لاورو" التي قتل فيها راكب يهودي أميركي، لكن صعوبات تسليمه لإيطاليا عطلت اتخاذا إجراء قانوني ضده.
ومثل هذه العقبات التي عطلت محاكمة زعيم جبهة التحرير الفلسطينية التي اتخذت من العراق مقراً لها بعد اعتقاله في بغداد مشابهة للعقبات التي أحبطت جهوداً دولية سابقة.
فقد أطلقت إيطاليا سراحه بعد أن أجبرت طائرات عسكرية أميركية طائرته على الهبوط في صقلية لكنها حاكمته وصدر ضده حكم بالسجن مدى الحياة بعد أن غادر البلاد.
ورغم احتجاز الجيش الأميركي "أبو العباس" العام الماضي لإثبات صلة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين بالإرهاب إلا أنه لم يحاكَم.
وأعلن "أبو العباس" الذي لم يكن على متن "أكيلي لاورو" لدى اختطافها قبالة السواحل المصرية استمراره في النضال ضد العدو الصهيوني حتى استعادة الحقوق المغتصبة للشعب الفلسطيني رغم أن إسرائيل سمحت له بالعودة إلى قطاع غزة في عام 1999.
وقد عرف كذلك بالتخطيط لعمليات نوعية ضد القوات الإسرائيلية حيث خطط لاستخدام مناطيد حرارية وطائرات شراعية في اختراق الحدود وكذلك إلى أكبر عملية إنزال بحري على شواطئ أشدود في العام 1990. ويشار إلى أن أقدم أسير لبناني في السجون الإسرائيلية "سمير القنطار" ينتمي إلى الجبهة التي كان يتزعمها "أبو العباس" عندما نفّذ عمليته في العام 1978 على الساحل الشمالي لفلسطين المحتلة.
وكان "أبو العباس" المعروف كذلك بإسم "أبو خالد" أنيقاً يفضل ارتداء الحلل داكنة اللون ومدخناً شرها.
ولد "أبو العباس" في حيفا عام 1948. وانتقل إلى سوريا وقضى بعض الوقت في مخيم اليرموك الفلسطيني للاجئين ثم درس الأدب العربي والإنكليزي في جامعة دمشق.
وفي عام 1965 انضم إلى جبهة التحرير الفلسطينية التي أسسها أحمد جبريل. وبعد عامين أصبحت الجماعة جزءاً من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي أسسها الدكتور جورج حبش بعد حرب 1967. وعندما اختلف جبريل مع حبش في عام 1969 وشكل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة ذهب "أبو العباس" معه. لكنهما اختلفا في عام 1976 وظهرت جبهة التحرير الفلسطينية بقيادة "طلعت يعقوب" و"أبو العباس".
وقد شغل "أبو العباس" منصب عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة حتى العام 1999 وأميناً عاماً للجبهة منذ العام 1985.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وراء الكلام أبو خالد.. "أبو العباس"
بقلم / أحمد دحبور

ترى هل كان ذلك الشاب المتدين، يدرك عام 1977، وهو يتعلق بالطائرة الشراعية فيسقط منها متداخلة عظامه بعضها في بعض، ويتحامل على نفسه فينهض من جديد، أنه سينتهي إلى سجن أميركي في العراق، عليل القلب مرتفع الضغط، حتى يأتينا النبأ الأخير عنه الثلاثاء الماضي؟
لا يا أبا خالد، يا أبا العباس..
كان "أبو العباس" محتشداً بالحياة. وفلسطين عنده من أسماء الحياة. ومع أنه قلّما كان يخصص في الحديث، إلا أن الطيرة، طيرة حيفا، كانت الهوى والحلم وهو الذي نشأ، بعيداً عنها، في مخيم اليرموك الدمشقي للاجئين الفلسطينيين. ولعل وجوده في حمولة كبيرة من الطيرة، وضعه تحت تأثير قصصها وبطولات رجالها وعنادهم المشهور، فانعكس على إيقاعه اليومي الذي لم ينقطع يوماً عن السؤال واستزادة المعرفة. ولكن ما لي ولهذا المدخل؟ فأنا لم أعلن أنني أكتب سيرة قائد من الجيل الثاني. ولكنني أحاول التماسك والتعامل مع حقيقة أنني فقدت صديقاً غالياً.. فهل أستطيع؟
كان المحقق العربي معنياً بقضية لا تعنيني: "أبو العباس".. ما هو موقعك في تنظيمه؟ وكنت أجيب: لم أكن في يوم من الأيام عضواً في جبهة التحرير الفلسطينية.. ولكنني لا أخفي الاحترام والمعزة لهؤلاء الشباب وفي طليعتهم أمينهم العام "محمد عباس".
كان يشغله أمران: القرار الوطني الفلسطيني المستقل، وألا تسقط فلسطين من ذاكرة العالم. وأخذ الأمر الأول عليه حياته ومسيرته. منذ أن انتسب إلى الجبهة والتي يتزعمها أحمد جبريل قبل نحو أربعة عقود. وهناك توثقت علاقته بابن عمه ورفيق دربه "فؤاد زيدان" – عباس الذي استشهد فيما بعد. وكذلك برفيقه المرحوم نافذ يعقوب "المشهور بإسم طلعت" وبقية الشباب: علي إسحق، أحمد نجم، عمر شبلي، أبو الجاسم. وفي عام 1976، عام استشهاد مخيم تل الزعتر، أصبح من غير الممكن ألا تحدث حركة ما. وكانت تلك حركة الشباب الذين استعادوا اسم جبهة التحرير الفلسطينية بعد أن كان قد أصبح اسمها الجبهة الشعبية – القيادة العامة.
أما حضور فلسطين في العالم، فقد اتخذ "أبو العباس" له وسائل مبتكرة فريدة. استخدام الطائرة الشراعية للوصول إلى فلسطين. استخدام المنطاد الهوائي. الزوارق البحرية، العمليات النوعية وأخيراً الفكرة المجنونة الإشكالية التي أثارت العالم: اختطاف الباخرة الإيطالية العملاقة "أكيلي لاورو" التي كانت متجهة إلى ميناء حيفا.
يومها فلت عيار الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان. وصارت تصريحاته ضد أبي العباس نشاطاً رئاسياً يومياً. وقامت الولايات المتحدة الأميركية العظمى التي تندد بالقرصنة، بعملية قرصنة جوية نادرة المثال. فقد اختطفت طائرة صغيرة كان فيها "أبو العباس". إلا أن القائد الشاب الذي كان يظن الكثيرون أنه أقدم على عملية متهورة. كان قد أخذ للأمر عدته قضائياً. ولم يستطع الأميركيون أن يثبتوا شيئاً ضده.
بعد أن جرت مياه كثيرة في نهر الأردن، وقعت القيادة الفلسطينية على معاهدة أسلو. ولم يبلع ابن الطيرة تلك المعاهدة، إلا أنه ميز جيداً بين قضية سياسية خلافية وبين حق العودة. وهكذا عاد.
أجل، عاد "أبو العباس" إلى الجزء المتاح لنا من الوطن. واتخذ رقماً وطنياً. وزار الطيرة، مسقط رأسه. وهناك عب هواء بحرياً نقياً. واستطاعات الدمعتان الحارتان أن تجدا طريقهما إلى عيني القائد الشاب الذي رسم له الأميركيون صورة بالغة القسوة.
ينتهي نسب محمد عباس إلى الشيخ ظاهر العمر الزيداني، أول زعيم استقلالي في تاريخ فلسطين خلال العهد العثماني. وبقدر ما كان فخوراً بهذا النسب، كان فخوراً بالجدلية التي نذر لها عمره في تصميم الهوية. فهو طيراوي فلسطيني عربي إنساني.
ثم غدر به القلب، وارتفاع الضغط، ووجد مقراً في بغداد. وحين احتل الأميركيون عاصمة الرشيد قبضوا عليه واقتادوه إلى الأسر. لم يكن عندهم شيء ضده، إلا إذا كانت تهمته الكبرى: أنه فلسطيني، هي من الاتهامات التي لا تسقط ولم يكن يريد لها أن تسقط. يومها ارتفع الصوت من كل مكان: إن استمرار أسر أبي العباس، بوضعه الصحي الأخير، هو شكل من أشكال الاغتيال.
وبهذا المعنى فقد اغتاله الأميركيون. وبهذا المعنى فهو شهيد فلسطيني بامتياز. أما أيام الصداقة والأحلام الكبيرة والأسئلة الثقافية والحنين إلى أصدقاء الصبا والشباب فتلك سيرة لا بد أن نشهد لها جميعاً، وأن نسهم في كتابتها يوماً، وأرجو أن يكون قريباً.
وإلى حين ذلك يتلجلج السؤال دمعة كاوية في الحلق والعين: يا أبا خالد، كيف نتعامل معك؟ هل توافق على أنك شهيد وكفى؟ ما الذي ستفعه غداً؟ ما الذي سنفعل؟ رحمك الله..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دم أبي العباس تجسيد للعلاقة بين فلسطين والعراق
بقلم / معن بشور
منسق عام تجمع اللجان والروابط الشعبية

غداً حين سيكتب تاريخ أمتنا صفحات مقاومتها المجيدة في فلسطين والعراق، سيكون إسم الشهيد القائد "أبو العباس" متصدراً هذه الصفحات كرمز لتجسيد العلاقة بين القضيتين والشعبين والمقاومتين...
وغداً حين سيفتح تاريخ البشرية سجلاً فاضحاً لانتهاكات الدولة الأقوى في هذا العصر لحقوق الإنسان والقانون الدولي، سيكون استشهاد أبي العباس في معتقله الأميركي في العراق، (وفي ظروف غامضة أميركية، وشديدة الوضوح بالنسبة إلينا) أحد أبرز العلامات على التعذيب الجسدي والنفسي الذي مارسه أدعياء "حقوق الإنسان" لدى احتلالهم العراق...
فثنائية الحرية والمقاومة حملتها قضية استشهاد أبي العباس بأجلى دلالاتها ومعانيها، فهذا المقاوم من أجل الحرية استشهد في سجن الاحتلال ليكشف باستشهاده كم هي زائفة دعاوي الإدارة الأميركية حول حربها من أجل الحرية...
وثنائية فلسطين والعراق عبّرت عنها قضية اعتقال أبي العباس، فاستشهاده، بأبسط تجلياتها، حيث كانت دماء هذا القائد الفلسطيني عربون وفاء للعراق الذي ما بخل يوماً بدمائه وشبابه وموارده من أجل فلسطين، وحيث جاء استشهاد هذا المناضل الفلسطيني ليكشف بوضوح حجم الاختراق الصهيوني للعراق بفضل مظلة الاحتلال الأميركي...
ولن يكون بعيداً ذلك اليوم الذي ستتكشف فيه أسرار استشهاد أبي العباس، لنكتشف دور الموساد المباشر في هذه العملية سواء خلال التحقيق معه، أو خلال السجن ذاته، ليتضح أن الاستشهاد كان عملية اغتيال موصوفة بكل المقاييس...
كما لن يكون بعيداً ذلك اليوم الذي سيكتشف الأميركيون جميعاً، ومعهم العالم كله، أن الحرب الأميركية على العراق كانت أولاً وأخيراً حرباً صهيونية بامتياز نفذتها إدارة بوش لمصلحة تل أبيب، و شاركت فيها أنظمة عربية سراً أو علناً، خوفاً أو حقداً، تخاذلاً أو تواطؤاً...
وستكون قصة أبي العباس في الحالتين، هي كقصة الكشاف الذي يسبق القافلة، يسبر الأغوار، يكشف المخاطر، يرصد الأعاصير، ينذر بالمحاذير... ولكن كشافنا اليوم كان يستكشف بدمه... وبشبابه الغض... فكان وهو الذي فارق الحياة في بغداد، واحتضنه تراب دمشق، شهيد انتفاضة فلسطين بامتياز...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د واصل أبو يوسف لدنيا الوطن
نطالب بالكشف عن ظروف تصفية القائد "أبو العباس" في سجن أبو غريب

أكد د. واصل أبو يوسف عضو الأمانة العامة لجبهة التحرير الفلسطينية على أهمية وضع حد لعذابات الأسرى في السجون الاحتلالية الامريكية في العراق والاسرائيلية في فلسطين وفي ظل فضائح التعذيب المشينة للأسرى العراقيين في زنازين الاحتلال الامريكي والمعاملة اللانسانية والتي تفتقد لادنى شروط الكرامة الانسانية وحجزهم في ظروف بالغة القسوة وممارسة ابشع انواع التعذيب ضدهم مما يؤكد مرة اخرى وبما لا يدع مجالاً للشك ان هذه الجرائم النكراء التي ترتكب ضد الاسرى والمعتقلين وفي ظل الفضائح المخجلة التي اطلع عليها المجتمع الدولي بأسره والذي ذهب ضحيتها أيضا العديد من المعتقلين الذين قتلوا بدم بارد، ونتيجة هذه السياسات الاجرامية والتي لا بد من وضع حد لها ومحاكمة المسؤولين عنها، من خلال تشكيل لجان تحقيق دولية وقانونية ، ولجان تفتيش دولية على وضع السجون والمعتقلات للاطلاع على الظروف الحياتية الصعبة والسماع من المعتقلين الذين لم يستطيعوا إيصال أصواتهم بعد.
وفي هذا الاطار أكد د . واصل ان جبهة التحرير الفلسطينية وأمام هذه الجرائم بحق المعتقلين تؤكد على حقها بالمطالبة بفتح تحقيق فوري حول ظروف احتجاز الشهيد القائد ابو العباس الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية وعضو اللجنة التنفيذية السابق وعضو القيادة الفلسطينية في سجن أبو غريب وجريمة قتله التي تؤكد الجبهة وبعد فتح هذه الملفات بضرورة الوقوف حول تفاصيل هذا الموضوع الهام والخطير الذي استهدف بالقتل أحد القيادات الوطنية الفلسطينية البارزة.
وقد اتخذت الجبهة جملة من الاجراءات بالطلب من الصليب الأحمر الدولي ومنظمات حقوق الانسان والمنظمات القانونية ، لمتابهة هذا الملف الهام ، في ظل التأكيد ان استهداف القيادات الفلسطينية بالقتل والتصفية والاغتيال والاعتقال التي تمارسها قوات الاحتلال الاسرائيلي اصبح الآن منهجية استراتيجية لتصفية القيادات التاريخية لشعبنا الفلسطيني ، وحيث ان الادارة الامريكية تتساوق مع هذه التوجهات التي كان ذروتها عملية الاستهداف للقائد الشهيد أبو العباس الذي تم تصفيته داخل زنازين الاحتلال.
وتؤكد الجبهة على ضرورة دق ناقوس الخطر فيما يتعلق بظروف اعتقال الالاف الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الاسرائيلي الذين يتعرضون ايضا لابشع الجرائم التي تمارس بحقهم وضرورة التدخل السريع والفوري من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية لوضع حد لهذه الممارسات والجرائم ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم واطلاق سراحهم الفوري.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



أبو العباس وفلسطين
بقلم/ عيسى عبد الحفيظ

سقط أخيراً أبو العباس، أحد القادة الفلسطينيين في معتقله الأميركية على الأرض العربية.
من كان يتصور هذه النهاية للشهيد القائد محد عباس زيدان، ابن النكبة الذي حمل من فلسطين آلام التشرد والغربة وصلابة جذوع الزيتون الطيراوي العتيق، وفي فمه طعم حليب الهجرة إلى المنافي في أـزقة دمشق الفقيرة؟
نشأ أبو العباس متمرداً ثائراً منذ أن كان فتى يافعاً ينقل خطاه بصندل ممزق بين حفر الطريق الموصولة إلى المدرسة من أكواخ اللجوء.
امتشق سلاحه صغيراً وهو يدخل خضم السياسة في الستينات حين كان للفلسطينيين دور بارز في اللعبة السياسية السورية الداخلية بين الأطراف الإنفصالية والقومية والبعثية وحين كان الجذب باتجاه فلسطين. فلسطين التي تاجر بها مَن تاجر وكانت عنواناً يضفي شرعية مطلقة على الطامحين إلى السلطة.
القيادة العامة كانت عنوانه الأول الذي يلج منه باتجاه الوطن. الوطن الذي حلم به "أبو العباس" منذ نعومة أظفاره وهو يستمع كل ليلة إلى ذكريات والده وجده عن بيادر الطيرة وزيتونها العتيق. ومع مرور الأيام وتجذر الرؤيا الثورية على الطريق المتعرج والمتذبذب في المسيرة السورية الرسمية والانقلابات المتلاحقة وتغيير الولاء من نظام لآخر، والذي انعكس على قيادة "القيادة العامة" كان لا بد لمحمد عباس ليس فقط من تحديد الموقف، بل والمبادرة لجعل الطريق تسير بالاتجاه السليم، وأين هذا الاتجاه إذا لم يكن باتجاه قمة الكرمل؟
حينها انتفض "أبو العباس" معلناً فلسطينيته وانحاز "أبو العباس" كلياً كما كان دائماً مع مجموعته معلناً تشكيل جبهة التحرير الفلسطينية على أنقاض ما سمي بـ"القيادة العامة". هنا بدأت متاعب "أبو العباس" الحقيقية بالإضافة إلى واجباته النضالية الأخرى في ساحة الصراع واستحقاقات التحرر.
قابلت "أبو العباس" عندما عاد إلى الوطن. وكانت الطيرة هاجسه الدائم ووجعه الأبدي، جرحاً مفتوحاً في الصدر. وبكل بساطة قدم "أبو العباس" طلباً لتصريح يستطيع بموجبه زيارة الطيرة، ويبدو أن القرار كان لزيادة الوجع واشتعال الاشتياق، وفتح جروح لم تكن كما اعتقدت تل أبيب قد اندملت.
ذهب "أبو العباس" إلى الطيرة وعندما عاد لم يكن يعرف من أين يبدأـز كان جذلاً كطفل التقطت شفتاه حلمة نهد أمه بعد طول غياب. وكما حدث معنا جميعاً عانق "أبو العباس" ذكريات والده وجده على شاطئ "العزيزية" ونقل خطواته في "المنزول" وتحادث مع ذلك القصاب اليهودي الذي جاء من العراق ثم استمع إلى هديل الحمام الذي عشش في البيوت المهجورة والذي كان أقرب منه إلى النواح. نظر "أبو العباس" غرباً فرأى الموج الذي يلاطم الشاطئ أين استحم جده ذات يوم، وعبّأ من العين التي غسلت عليها والدته ثيابه ذات نهار، وحاول إحصار ما تبقى من أشجار الزيتون والتين وأخيراً عرج على المقبرة القديمة والتي غطى قبورها نبات الزعتر وقرأ الفاتحة على أرواح من سبقوه.
بقي "أبو العباس" يتحدث دون انقطاع وأظن أنني رأيت شيئاً يلمع في عينيه ما لبث أن تكثف فسارع "أبو العباس" لمسحها بظاهر كفه.
حتى أمامنا لم يقبل "أبو العباس" أن يظهر بمظهر الضعيف. كانت روحه عالية ومعنوياته رغم كل ما حدث ما زالت مرتفعة وكانت قامته أعلى ما هامات الجلادين والمتنكرين لعروبتهم الذين أرغموه على العودة إلى بغداد بعد أن سقطت.
قال "أبو العباس" أنه ينوي الاستقرار في الوطن لكن وضع العراق الذي احتضنه كل هذه السنين في وقت عزّت فيه الكرة الأرضية عن استقباله والوفاء الذي تعلمناه لهذا الموقف القومي يحتم عليه أن لا يترك العراق في هذه الظروف. كان يأمل أن تنتهي مشكلة العراق وحصاره ليستطيع الرحيل في حال طبيعي. كان موزع القلب بين رام الله وبغداد وكان عزاؤه أن المعركة واحدة وأن النضال واحد.
لم يكن "أبو العباس" من الذي يتحملون الضيم والذل واعتقد جازماً أن معتقليه قد أدركوا ذلك جيداً فكانت أقرب الطرق إلى حسم موضوعه خاصة وأنه لم يكن متهماً بشيء، محاولة إذلاله حتى يسقط صريعاً بقلبه الواهن أصلاً وهكذا كان.
من أين لك أخي "أبو العباس" ان تعلم أن "قلاع العروبة" ستضيق بك وسترفع العلم الأبيض عند أول تهديد من التتار لتقوم بتسليمك؟ ولكن أنسيت أم تناسيت أن من يتنازل عن حقه في النضال لتحرير أرضه يتنازل عما هو أكثر؟
على أية حال، كان على "محمد عباس" أن يبحث عن مكان إذا ما قيض له وخرج من المعتقل الأميركي على الأرض العربية، ولا أظن أنه كان سيجد ذلك المكان على أرض العروبة لأن المتنفذية فيها من أولي الأمر أجبن من المغامرة على استقبال شخص كمحمد عباس فقد ضاقت بنا الأرض بما رحبت ولا حول ولا قوة إلا بالله. وليعلم الجلادون والسجانون والقتلة أن اليوم الذي نجمع فيه رفات شهدائنا ليدفنوا في أرض فلسطين قادم مهما طال الزمن، ومهما شحذ القاتل سكينه، ومهما ارتفع منسوب نهر الدم الفلسطيني. فلكل شيء نهاية، وأظلم ساعات الليل هي الساعة التي تسبق طلوع الفجر.. والفجر آتٍ لا محالة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ريم النمر تشكك في أسباب وفاة "أبو العباس"
وترفض تشريح الجثمان وتتمنى تشييعه في فلسطين

هل يعلن الأميركيون سبب اعتقال "أبو العباس" بعد وفاته؟ وهل سيعلنون مكان سجنه بعد "استشهاده"؟
محمد العباس، الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، أعلن البنتاغون وفاته "لأسباب طبيعية (أزمة قلبية)" بعد مضي حوالي عام على اعتقاله في بغداد دون توجيه أي تهمة له.
"أبو العباس"، الذي أدرج على قائمة الإرهابيين تتناقض الأخبار حوله، إنما الحقيقة واحدة وهي أن الإدارة الأميركية واجهت مأزقاً بعد اعتقاله لأن الحكومة الإيطالية لم تطالب به، وكانت المحكمة الإيطالية قد أصدرت حكماً عليه بالسجن المؤبد بعد عملية خطف السفينة الإيطالية "أكيلي لاورو" عام 1985 التي نفذها رجال ينتمون إلى جبهة التحرير. كما أن واشنطن لم تتمكن من استلامه ومحاكمته لعدم كفاية الأدلية حول تورطه في العملية.
تتعدد احتمالات وفاة "أبو العباس"، وزوجته ريم التي لم تصدق خبر الوفاة إلا بعدما أكده الصليب الأحمر الدولي، رفضت التزام الصمت وروت للصحافيين عن "أبو العباس" وظروف اعتقاله وعدم تمكنها من رؤيته.
وفي مقابلة مع "النهار"، أخبرت أن آخر رسالة تلقتها من "أبو العباس" كانت في 19 كانون الثاني 2004 وبدا فيها قوي العزيمة والإرادة مشددة على أن شخصية "أبو العباس" ليست من النوع الذي ينهار أمام هكذا ظروف.
كما أن آخر لقاء جرى بين "أبو العباس" ولجنة الصليب الأحمر الدولي تمّ الإثنين الماضي (منذ أيام) واستمر لمدة ثلاث ساعات بدا فيها "أبو العباس" قوياً وبصحة جيدة جداً، وكان يمزح مشيداً بفوائد السجن حيث أنه خسر 30 كيلوغراماً من وزنه وكان يمارس الرياضة باستمرار ويتناول طعاماً صحياً.
وأشارت ريم، التي تستقبل المعزين في منزل أهلها في رأس بيروت، إلى أن "أبو العباس" كان يتناول دواءً للضغط وأن خسارة الوزن لا شك كانت مفيدة له، خصوصاً أنه لم يكن يعاني من أية أمراض أخرى، وبنيته قوية.
وبكت حين سألتها "النهار" عما كان يطلبه "أبو العباس" من الصليب الأحمر، وقالت أنه في اللقاء الأخير طلب "أبو العباس" من مندوب الصليب الأحمر تدبير لقاء له معها.
وعن أسباب الوفاة، اعتبرت أن "لها الحق في أن تشك في أسباب الوفاة لأن البيان عندما يصدر عن البنتاغون، فهو صادر عن جهة معادية أساساً وهي المسيطرة على السجن وعلى وضع "أبو العباس" الصحي والنفسي، فربما كان هناك بعض التخاذل أو عدم إعطائه الدواء اللازم، لربما أعطي دواء غير فعّال.. كل شيء ممكن. كان "أبو العباس" يشكل مشكلة للأميركيين في السجن، لأنه ليس بوسعهم أن يحاكموه في أميركا أو أن يسلموه إلى أي دولة عربية. ليس بوسعهم أن يجروا اتفاقاً في هذا الشأن مع أي دولة عربية، لأن رئيس الوزراء الإسرائيل أرييل شارون لا يريد اتفاقاً، لا يريد أن يسلم "أبو العباس" إلى أية دولة عربية. وفي الوقت ذاته، "أبو العباس" هو الفلسطيني الوحيد الموجود في السجن والسجناء الآخرون من أركان الحكم العراقي، لذا حين يحين موعد محاكمتهم، سيكون "أبو العباس" حالة شاذة عن هذا الوضع وتسليمه إلى السلطات الأميركية غير وارد لأنه ليس ثمة شيء ضده في القانون الأميركي. كما أن تسليمه إلى إسرائيل غير وارد لأن ليس بوسع شارون أن يتحمل مشاكل أكثر بخصوص تسلم أشخاص من الخارج. لذا، لربما بطريقة ما، كانت محاولة اغتيال، وهذا وارد. لا يمكن أن نكون بريئين تجاه الموضوع لأنه معتقل لدى الأميركيين".
وعما ذكر بخصوص تشريح جثمان "أبو العباس"، قالت: "ربما لو كان الطبيب أوروبياً مثلاً، بمعنى أنه من جهة محايدة، كنا وافقنا. أما أن يكون الطبيب أميركياً ومن قوات التحالف...!".
وعن الإجراءات التي تنوي اتخاذها في هذا الشأن، قالت: "علينا أن نرى كيف بوسعنا قانونياً أن نطالب بإظهار الحقيقة حول موضوع استشهاده، مثلاً هم (الأميركيون) طرحوا أنه سيتم تشريحه على يد طبيب أميركي، وهذا بالطبع نرفض أولاً شروط تشريحه كما أننا نرفض أن يكون الطبيب أميركياً لأنه لن يكون مختلفاً عن كل النظام المسيطر".
وأضافت: "ثمة أمر آخر، وهو أنه بإمكاننا أن نرفع دعوى على القوات الأميركية نسأل فيها لماذا اعتقلته، تحت أي بند، ولما لم تحاكمه، ولمدة سنة كاملة لم تسمح لعائلته بزيارته ولا لأي محام أن يزوره، أو أن نعرف مكانه. وهذه كلها مسائل كانت غير قانونية واستمرت عاماً كاملاً. لم يجر اتصال بيني وبينه. اليوم تلقيت اتصالات من سجناء فلسطينيين في إسرائيل، اتصالات تعزية ومواساة ورسائل، فيما لم أتمكن من الاتصال أو تلقي الاتصال من "أبو العباس".

هل تعتقدين أن تصريحات "أبو العباس" بعد أن كان قد رفض اتفاق أوسلو ثم انخرط في العمل السياسي وبعدها أعلن الكفاح العسكري ضد إسرائيل لأن الحل السياسي لا ينفع معها كما عبّر، هي السبب في اعتقاله؟
قلت سابقاً أن اعتقال "أبو العباس" تم بأيد أميركية ولكن لمصلحة إسرائيل، يعني أن ما عجزت إسرائيل عن تحقيقه تحقق على يد الأميركيين، كانت خدمة أميركية لإسرائيل.
"أبو العباس" هو مناضل فلسطيني وعمله كان دائماً داخل الأرض المحتلة ولم يكن في يوم من الأيام خارج الأرض المحتلة. كان دائماً الاتجاه الذي ينظر إليه هو وطنه فلسطين، ومن هذا المنطلق كان دائماص "أبو العباس" يتجدد، بناءً على المراحل وفق ما تحتاجه سواء كان العمل السياسي أو العمل العسكري.
و"أبو العباس" كان دائماً يؤمن بالكفاح المسلح ولم يبتعد عنه يوماً. ولكن كان رجلاً مرناً، ويتصرف وفق ما تتطلبه كل مرحلة. أحياناً يضع البندقية جانباً ويستمر في النضال بأشكال أخرى. لم تغره يوماً أجواء خارجية أو أهواء من خارج الوطن إنما يتصرف وفق مصلحة الوطن.
وعن جثمانه، شرحت أنها تقدمت بطلب رسمي إلى الصليب الأحمر الدولي لاستلامه وتشييعه في رام الله، وأنها تنتظر الرد، "الرد من الأميركيين ومن قوات الاحتلال الإسرائيلية".

هل تتوقعين الموافقة في ضوء شعبيته الكبيرة في الداخل الفلسطيني، هل مسألة تشييعه هناك قد تخيف الإسرائيليين؟
كل طفل وشبل فلسطيني يخيف إسرائيل، شعبنا بطل بشهدائه وبأسراه وبأطفاله ونسائه. وإذا كان ثمة احتمالات أخرى في حال الرفض، قالت: "ربما سوريا". ويذكر أن "أبو العباس" من مواليد سوريا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلمة زوجة الشهيد القائد ابو العباس السيدة "ريم النمر "
في اعتصام تضامنا مع الاسرى والمعتقلين والشهيد القائد في بيروت امام الأسكوا

للمرة الاولى أنا هنا بينكم في هذا المكان، وأمام بيت الامم المتحدة تحديدا أشارك في الاعتصام التضامني مع الأخوة المعتقلين الفلسطينين والعرب في سجون العدو الاسرائيلي، ونصرة للأخوات الأسيرات الفلسطينيات المضربات، ومعكم يرتفع صوتنا عاليا، احتجاجا على أعتقال زوجي الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية "ابو العباس" منددين مطالبين بالأفراج عنه..
لن أتكلف في كلامي، بل سأقول بعفوية، ما يتطرق الى الذهن من تساؤلات مشروعة، امام مفصل تاريخي يواجه أمتنا، ومن قلق مسؤول، في ظل الانعكاسات السلبية للأحداث الحالية على مجتمعاتنا، وعلى المناخ الدولي عامة، حيث الواقع يستنهض روح التحدي والصبر والمواجهة.. محور التساؤلات والقلق هو في الموقع الذي نحن فيه، والبيت الذي نحن امامه، فهل القانون الدولي مبرر وجود المؤسسات الدولية عامة، وألأمم المتحدة خاصة، وهل ما زالت تمثل القوة الشرعية التي تفرض احكامها على المجتمع الدولي، ولديها السلطة والمنعة والحصانة لحماية هذه الاحكام والعمل على تطبيقها!! ام انها اصبحت شديدة الانتقائية، تفرض الأحكام وفق رغبة القوة العسكرية الكبرى في الولايات المتحدة، وتجنب آخرين، على رأسهم العدو الاسرئيلي، والأمم المتحدة أمام هذه الغطرسة تقف اليوم حائرة وعاجزة!! فمجلس الأمن عزل الولايات المتحدة وجموحها الحربي بالقانون الدولي، لكنه ودون ان يقف في وجهها رادع أو حائل، ولا سلطة لمن يسأل أو يسائل، عزلت العالم بقوتها العسكرية ، وبرهنت على أن هذه القوة أمضى فعلا من ذلك القانون ، ما دامت ارادتها هي المفروضة على دول العالم وهي السائدة .. فهل نحن في وقفتنا هذه وفي هذا الزمن في الاتجاه الصحيح.
من هنا، تساؤلاتي مشروعة، وقلقي مسؤول، فنحن اليوم نعيش بربرية القوة، وتداعيات حروب تحكمها قانون الغاب، يأكل القوي فيه الضعيف!!
أبو العباس مثال من أمثلة أخرى كثيرة ، دول وشعوب وأفراد، دم الشعب الفلسطيني يمشي كالنهر وأنا تطاردني جثة رجل واحد لم أخطط أصلا لقتله.. كلمات قالها أبو العباس، وصرح بها، لعلني هنا أضيف بأن النهر أصبح اليوم شلالا، بدماء الشعب العراقي الصيل، وبالدماء الذكية للأخوة العرب، ترفد مجرى نهر الفرات ودجلة، وتلتحم مع نهر الاردن في فلسطين التاريخية تصب فيه.
في دوامة العنف والكراهية والغطرسة هذه.. نرى المشروع الصهيوني المتمثل باسرائيل والادارة الامريكية الحالية، هم واحد، وهو المستفيد الأول، فكيف يقبل المنطق، اسرائيل تستغل شن الحرب على العراق واحتلاله، فتزداد شراسة ووحشية في اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني، بينما الولايات المتحدة، وفي بيان عسكري اميركي تصرح بأن وجود ابو العباس في بغداد، هو اثبات بأن العراق يدعم الارهاب ويشكل ملجأ أمنا للارهابيين وتهديدا مباشرا للأمن القومي الأمريكي.. في حين أن ملف أبو العباس في وزارة العدل الأمريكية لا وجود له، وأية مسألة نضالية مشروعة ترتب عنها خطأ غير مقصود، قد سويت قانونيا ودوليا بعد أتفاق أوسلو..
المهم أن يرى الأنسان العربي الأمور على حقيقتها، يعي حقه الطبيعي في أرضه وفي ممتلكاته والحفاظ على شعبه ودولته ومجتمعه من طغيان وعمليات سلب واقتلاع من الأرض، يعي حقه بالحكم بالعدل والمساواة، وحقه في العيش بحرية وكرامة.. فمتى استقامت الرؤية، وباتت الأمور على حقيقتها، يأتي الحكم صحيحا.
أخيراً: ارى أن ما ضاع حق وراءه مطالب ، ولعلي أضيف بقوة عاقلة عادلة تسانده، فمن يرى الفلسطيني وهو فوق ارضه وحقه الطبيعي يتوسل ارضا ودولة، وربما شهادة انسان لإنسانيته، يعلم مدى التحدي المفروض على الأمة، ويعلم ايضا أن فلسطين وقضيتها وارادة المقاومة فيها التي لا تهزم، هي العنوان الأساسي في كتاب تاريخ مستقبل المنطقة.
صرخة حق وعدل ومحبة وقيم أنسانية، نوجهها الى العالم الحر من أجل كل المعتقلين والمعتقلات والاسيرات في فلسطين والعالم أجمع، ودعوة من القلب مخلصة صادقة الى ابو العباس في موقعه، الصبر الصبر، فإن الله مع الصابرين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من ظلام الحدث إلى أمل المستقبل
بقلم / الدكتور خالد حدادة
الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني

ربما ليس الوقت المناسب للحديث اليوم عن "أبي العباس"، فالرجل لم يكن يوماً متشائماً، بل كان بإصراره "الفلسطيني" حريصاً على أن يكون دائماً أحد عناوين الأمل العربي القادم. واليوم مثل سنوات مضت وربما مثلما ستكون عليه بعض السنوات القادمة، لا بد لأي حديث من أن يكون متسماً ولو بشكل مؤقت بسواد هذه المرحلة، التي كان موته، بل "إعدامه" أحد مؤشراتها ونتائجها في آن.
العالم يمر بأسوأ مراحل تاريخه، مرحلة يسود فيها "الكاوبوي الأميركي" اقتصاد العالم وسياسته ويفتش فيها عن بؤر ضعيفة في العالم يحمي من خلالها وبجيوشه المباشرة "عولمته" الاقتصادية. والنظام العربي الرسمي كان ومنذ الستينات والسبعينات ينتقل بطيئاً ثم مهرولاً الخطى باتجاه جعل منطقتنا إحدى هذه البؤر الضعيفة المستقبلة بأقل الخسائر الهجمة الأميركية الجديدة بعناوينها المختلفة.
فهذا النظام العربي الرسمي، الذي كان بقسم منه منذ البداية "كاسحة ألغام" تمهّد للغزو الأميركي القادم إلى منطقتنا، كانت ممارسة القسم الآخر الذي راهنت الشعوب العربية يوماً عليه، اللاجم أمام الإمكانيات الكبيرة لشعوبنا في التصدي لهذا الغزو.
فتحت شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" قمعت الأنظمة صوت شعوبها المطالب بسماع صوت المعركة، ولم تسمح لهذه الشعوب إلا بإطلاق صرخات الجوع والفقر والتخلف. صادرت الحريات حتى أصبحت حريتها الخاصة ومصيرها كأنظمة رهناً بالرضا الأميركي وجيوشه ومخابراته. فانهار بعضها بالتدريج واستسلم بعضها الآخر دون معركة ودون صرخة تصدي، وبعضها الممانع وهو قليل ما زال يتلمس وبخجل دروس المرحلة السابقة. ومن مهازل القدر أن معظم "أيتام" هذا النظام العربي تحولوا إلى منظرين ومهللين "للأحلام" القادمة على رأس الصاروخ الأميركي المتلبس أشلاء شعب العراق، أطفاله، نسائه والشيوخ، وربما مراهنين على "ديمقراطية" شارون، الحامل معه وعد الإله الأكبر بوش بإلغاء التاريخ والحاضر وصناعة مستقبل "شرق أوسطي" خالٍ من لوثة فلسطين وقضيتها ولمَ لا شعبها وقياداتها المقاومة والوطنية.
نعم، إنها مؤامرة أن يكون الشرق الأوسط الكبير خالٍ ليس من السلاح النووي العراقي أو الإيراني أو السوري أو... ليس فيه إلا السلاح النووي الإسرائيلي، بل يجب أن يكون هذا الشرق الأوسط خالٍ من جراثيم المقاومة من أمثال "أبي العباس" و"أبو علي مصطفى" و"أحمد ياسين" و"أبو جهاد الوزير" في فلسطين ومن "مروان البرغوثي" و"أحمد سعدات" و"سمير القنطار" المعتقلين إلى كل قيادات فلسطين شهداء ومعتقلين ومن "أبي عمار" وكل رمز من رموز مقاومة هذا الشعب.
إنها مؤامرة، أن لا تستطيع الشعوب العربية إنتاج حركة عربية مقاومة وديمقراطية قادرة ولو في المستقبل على رفع راية التصدي للاحتلال الأميركي وللعدوان الإسرائيلي، حركة تؤكد أن "صوت المعركة" يعلو عندما يعلو صوت الشعوب والقضية تحافظ عليها الحرية والديمقراطية ومصالح الأمة، هي مصلحة شعوبها بالتنمية والتقدم والعدالة وليس مصلحة أنظمتها بالألوهية والخلود على حساب الشعب والقضية في آن.
ربما رحل الشهيد "ابو العباس" ليستخلص معنا هذا الدرس، ليقول أن القائد ليكون كذلك وليكتسب صفة التاريخية، يجب أن يثبت أنه ممثل لشعبه وليس مختصراً له، يجب أن يعمل على أن يكون قادراً على التفاعل مع الآراء المختلفة ولا يكون كاتماً لأصواتها والمعبرين عنها.
رحل أو "أُعدِم" كان يعبّر عن أن العدو ربما يستطيع اغتيال القادة ولكن مَن يغتال كل "محمد الدرة"... مَن يستطيع إيقاف التاريخ عند الماضي والحاضر؟
إنها دعوة للمستقبل وجّهها لنا الشهيد "أبو العباس" لنلتقط الرسالة ولنمسك بالقضية ولنعمل لتأسيس حركة عربية ديمقراطية تكون هي البديلة عن الحالة الراهنة برموزها الاحتلال و"قتله الديمقراطي الرحيم" والنظام الرسمي العربي "الأحول" الذي يصوّب باتجاه العدو ويطلق الرصاصة على صور شعبه...
إنها دعوة لمستقبل عربي عنوانه انتفاضة فلسطين ومقاومة لبنان ومقاومة الاحتلال في العراق والحركة الشعبية العربية التواقة للحرية والديمقراطية والتقدم والتحرير...
- المجد والخلود للقائد الشهيد "أبو العباس".
- والنصر لقضية فلسطين وشعبها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أبو العباس شهيد فلسطين والعرب
بقلم / الدكتور سمير صباغ
رئيس حركة الوحدويين الناصريين

إسم ملأ الدنيا في حياته وفي نضاله وكشف الخداع والزيف والاعتداء الأميركي الصهيوني على أمته وشعبه في مماته. وبقدر ما كان نضاله من موقع نضالي لآخر من أجل تحقيق أهدافه الدائمة والثابتة من أجل فلسطين قبلته وحبيبته علنياً وواضحاً كوضوح النهار، كان موته واستشهاده في زنزانات الغدر والعدوان بصمت رهيب مطبق وفقاً لأساليب الاغتيال الأميركي.
رحل رجل بكل المقاييس أمضى حياته ونضاله من أجل أمته وقضيته، آمن بحقوقها وأدرك فداحة ظلم العالم لشعبه وفهم منذ نعومة أظفاره بعد أن عاش مآسي النكبة والهزائم أن ما أُخِذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، انخرط في العمل الفدائي النضالي منذ بداية شبابه عام 1965 تنفيذاً لهذا الشعار، فلم يرضخ للسياسات الواقعية التي في حقيقتها استسلامية في ظل موازين قوى محتلة تعمل لصالح الأعداء.
ولكن إلى جانب سيرته كبطل من أبطال الشعب الفلسطيني العظيم والأمة العربية فإن مشاركته في معارك متعددة جعلت منه مناضلاً كبيراً وقائداً فذاً وقد تجلّت بطولته وشجاعته في موضوعين هامين جعلت بهم حياته النضالية.
الأول من خلال العمليات البطولية ضد العدو الصهيوني التي أشرف عليها وأبرزها من الخالصة إلى نهاريا والإنزال البحري في ميناء أشدود مروراً بعملية أكيلي لاورو، هذه العملية الرائدة التي تحصل للمرة الأولى في التاريخ المعاصر لأن هدفها كان العدو الصهيوني على أرض فلسطين ولكن الخطأ الذي حصل عليها وأدى إلى مقتل الراكب الأميركي اليهودي الذي اكتشف أمر أبطال العملية أعاد الباخرة إلى مصر حيث تمكن الشهيد القائد "أبو العباس" من السيطرة بعد مفاوضات مع مقاتلي الجبهة على الباخرة وإخراج كل ركابها سالمين وهذا العمل البطولي الجريء للشهيد "أبو العباس" كان مكان ترحيب من كل القوى العربية والعالمية، ولكننا نتساءل لماذا يلجأ الصهاينة والأميركيين إلى قتل الأبرياء في فلسطين والعراق وإلى اغتيال الشهيد القائد "ابو العباس" شهيد الانتفاضة والأمة، وأين العالم من قضية اغتيال الشهيد "أبو العباس" الذي كان له شرف الدفاع عن الأمة وبالتالي فهو نال أرفع الأوسمة من قبل كل الأحرار والشرفاء في العالم.
الثاني كان عندما التقيته في العراق قبل العدوان الأميركي بأسبوع وكنت آخر الملتقين به، لقد كان موعد الحرب قريباً فهو على أيام وساعات ولكن رأيه كان بأن هذه الحرب ستكون قاسية وموازين القوى مختلة وتسعى لتحقيق احتلال كبير لصالح أقوى قوة عسكرية في العالم، وقد كان يعلم بأن مصيره مهدد ورأسه مطلوب لأنه مقاوم من أجل فلسطين من قبل الجلاد الأميركي.
ولكنه في نفس الوقت كان جريئاً ونفسيته صادقة كمناضل وفارس فقد قال رحمه الله: "لقد عشت في هذا البلد ردحاً من الزمن معززاً ومكرماً بعد أن أجبرني العدو الصهيوني على الخروج من فلسطين وبعد أن رفضت التيجان والعروش استقبالي في بلادنا العربية، أما هنا في بغداد العروبة أتيحت لي فرصة الاستعداد لاستئناف النضال من أجل فلسطين حتى تحقيق أهدافنا السامية، فهل أقابل هذه المواقف بجحود وأهرب من ساحة القتال عندما تحين ساعته، لا ليس أبو العباس مَن يفعل ذلك، فأنا سأبقى وسأواجه أعدائي وسأقاتل مع أهلي مهما كانت النتائج، ثم أليست قضيتنا واحدة في فلسطين والعراق؟ أليس أعداؤنا هم نفسهم، يشنون علينا حرباً ظالماة من أبشع حروب التاريخ؟ ويهددون مواقع قوى الصمود العربي في كل مكان وتحديداً في سوريا العروبة ولبنان المقاوم".
كان يدرك رحمه الله أن بقاءه يعني تعرضه لكل الأخطار، وبقي في بغداد لمواجهة أعداء الأمة الذين لو كانت لهم الشجاعة الأدبية لانحنوا أمام بطولته وشجاعته ونضاله، ولكنهم كانوا جبناء في قرار إعدامه فلجأوا إلى أسلوب الغدر والجبن فتركوا عمداً المرض ينهش جسده العملاق.
هو بطل ومناضل استحق الشهادة وهم جبناء لا يعرفون قيمة المناضلين بل يعرفون الهزيمة والسحق والموت الزؤام.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ






مكانة مميزة في النضال والتضحية
بقلم / محمد سرور
مسؤول المكتب الصحفي لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان

المكانة العالمية لآسيا وجزء كبير من أفريقيا بدأت حصراً بالمنطقة العربية منذ ما قبل الإسلام إلى يومنا هذا، شهرة الشرق الأوسط، وبقاءه تحت مجهر الاستهدافات الأجنبية المتواصلة بدأت من خلال عناوين ثلاث تبعاً للأقدمية التاريخية:
أولاً: الأهمية الجغرافية، كموقع وسيطرة على المعابر المائية.
ثانياً: منع توحد القبائل ثم الدول لكي لا يعود العرب رقماً استراتيجياً في العالم.
ثالثاً: اكتشاف النفط وأهميته الاقتصادية والصناعية والسياسية، وإذا كان الغرب نجح في تقسيم المنطقة وترسيم دويلات تابعة له خاصة في المساحات الجغرافية الغنية، إلا أنه رأى بإسرائيل النموذج الذي يشبهه والذي لا يمكن أن تتعايش معه شعوب المنطقة، فالنظم الموالية لم تبدل ولاءاتها، كذلك الدعم لإسرائيل لم يتبدل، ولكل منهم المبرر والخصوصية.
ومع ذلك فإن الشعب الفلسطيني، وكفاحه من أجل هويته وحريته استطاع أن يأخذ النصيب الأوفر من الأضواء العالمية سلباً أم إيجاباً. هذه الأهمية لم تكن منة من العالم، ولا تواضعاً في الاعتراف به، إنما تشكلت على قواعد من النضال اليومي، المستمر منذ عشرات السنين، بوقود من الدم والعرق والأرواح الفتية، المؤمنة بقضيتها ومستقبلها. وقد كلفت الرسالة الكفاحية لهذا الشعب كماً هائلاً من التضحيات ما يجعلنا نعجز عن التمييز بين تضحيات وعطاءات القاعدة والقيادة. بل إن ما كلفه هذا الخيار من خيرة القادة والكوادر والرموز التاريخية يكاد يكون امتيازاً فريداً خاصاً لا مثيل له في تاريخ نضالات الشعوب الشعوب وعطاءاتها.
والشهيد محمد عباس "أبو العباس" الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية القائد الوطني والقومي هو أحد هؤلاء القادة المناضلين المميزين من الذين كان لهم شرف الإسهام في مواقع وميادين العمل الفلسطيني كلها، فكان قائداً وفدائياً وسياسياً مخضرماً في آن واحد.
وإذا كانت الظروف الشخصية والوطنية لهذا الشعب وضعته في دائرة الخيارات القاسية، فإنه لم يحاول الالتفاف عليها بالهروب والذاتية، بل إن تكتله المميز في حاضنة الثورة والنضال جعله عاصياً على الذوبان والتناسي العالمي. وهذا الوضع هو نتاج جهد، وثبات الرعيل القيادي، والفاعل من مؤسسي الثورة، والمناضلين الأصليين في فعالياتها، وقد كان لاستشهاد "أبو العباس" في المكان والزمان الذي شهدناه علامات هامة سوف يسجلها التاريخ، وخاصة لجهة العدو الذي اعتقله في العراق في 15/4/2003 وذلك بسبب أهميته السياسية والنضالية.
فالهوية الفلسطينية التي يحملها محمد عباس "أبو العباس" انتماءً خالصاً لم تضيق مساحة قناعاته، بل وسعتها، بما يكفي لإطلاق مفهوم النضال الفلسطيني على كل المواقع والميادين النضالية التي تتشابه مع مواقع هويته في وطننا العربي الكبير، وبخاصة في العراق. وهذه الحالة كشفت أيضاً وحدة الأعداء، الذين يعملون على استكمال المشروع الأصلي الذي يستهدف المنطقة والذي تتمثل إسرائيل فيه كأحد الأذرع الاستراتيجية وهذا الأمر أيضاً هو من السمات الخاصة للدور الفلسطيني الهام كناظم للنضال الوطني والقومي العربي في وجه الاستعمار القديم الجديد.
وما كشف النقاب عنه مؤخراً في سجن أبو غريب، الذي استشهد فيه القائد والمناضل "أبو العباس" يشير أيضاً إلى الوحدة الأخلاقية للمشروع المعادي، والذي تتطابق فيه وسائل التعذيب، والتعدي على الحرمات الإنسانية بين الموقعين الأميركي – البريطاني مع المختبر الشرق أوسطي الأول: إسرائيل. فهذه الأخيرة هي المرجع المعتمد للصياغة السياسية والعسكرية والأمنية للشكل العملي الذي يناسب التعامل مع العرب. لذلك لن يكون أبو غريب الدلالة الوحيدة لهذا التماثل، ولا طريقة اقتحام المدن وقتل الناس وهدم المنازل والاعتقالات التعسفية والوقائية.
إن "محمد عباس" هو شهيد الحق والمبادئ الفلسطينية في وجه العدوان الوحشي الكامل المضامين والاستهدافات للهوية العربية كلها.
شهادة هذا القائد المناضل وسام على جبين المدرسة الفلسطينية الرائدة في الثقافة والثورية والاستعداد للتضحية، فما أكثر القادة الشهداء والمعتقلين من هذه المدرسة يكفي فخراً صمود القائد الرئيس "ياسر عرفات" في مقره المدمر والمحاصر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية
عمر شبلي "أبو أحمد"
استشهاد أبو العباس في العراق كان عملية اغتيال مدبرة

بمناسبة الذكرى الأولى لاستشهاد القائد أبو العباس وحول التطورات الأخيرة في الساحة الفلسطينية وحوار القاهرة كان لدنيا الوطن هذا الحوار مع عمر شبلي "أبو احمد"الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية:

في الذكرى الأولى لاستشهاد القائد " أبو العباس " كيف تقيمون موقف الجبهة وأوضاعها الحالية، وابرز المتغيرات التي شهدتها على الصعيدين السياسي والميداني؟
مثلّ استشهاد القائد الوطني الكبير أبو العباس في معتقله الأمريكي، وقبل ذلك اعتقاله تعسفياً لنحو عام ضربة موجعة ومؤلمة ليس فقط لجبهة التحرير الفلسطينية بل لمجمل الحركة الوطنية، لما مثله الفقيد الراحل من صلابة ثورية وقدرة تنظيمية وسياسية ديناميكية وحرصاً أكيداً على الوحدة الوطنية الفلسطينية.
لقد ترك رحيله المبكر، وفي ظرف صعب ودقيق وحرج، فراغاً، كان لابد من بذل أقصى ما يمكن للحد منه، والحفاظ على مسيرته وتراثه النضالي، حيث أن أحد استهدافه واعتقاله ومن ثم اغتياله هو استهداف الدور الريادي لجبهة التحرير الفلسطينية، وقد تم إفشال هذا الهدف بفضل مؤسسات الجبهة الراسخة التي كرس لها شهيدنا الراحل كل جهده ووقته، حيث مارست هذه المؤسسات دورها وفق النظام الداخلي للجبهة، إذ عقدت اللجنة المركزية اجتماعاً استثنائياً وتم انتخابي بالإجماع أميناً عاماً للجبهة كما انتخبت أمانة عامة جديدة، وجددت الثقة بأعضاء المكتب السياسي وتحول استشهاد الرفيق القائد أبو العباس، إلى حافز جديد لرفاقه من أجل تطوير أدائهم ودورهم الوطني والارتقاء به سياسياً وميدانياً وجماهيرياً، وتمكنا من الحفاظ على هذا التراث النضالي الذي مثلته جبهة التحرير الفلسطينية وتجذيره في الواقع الوطني الفلسطيني بحيث أصبحت رقماً صعباً يصعب تجاوزه أو شطبه أو القفز عليه، أو السطو على هذا التراث.

ماذا بخصوص التحقيق في عملية اغتيال أبو العباس؟ وهل ما زالت الجبهة مصرّة على الكشف عن نتائج التحقيق؟
نحن ما زلنا نصر على أن استشهاد الرفيق القائد أبو العباس في معتقله الأمريكي، كان عملية اغتيال مدبرة، وطالبنا بتشكيل لجنة تحقيق دولية للكشف عن ملابسات الاغتيال، غير أن الإدارة الأمريكية تجاهلت هذه المطالبة واعتبرت نفسها فوق القانون الدولي، واكتفت بتقرير طبي غير محايد عن ضابط في الجيش الأمريكي . أما لماذا نعتبر أن استشهاده كان عملية اغتيال مدبرة؟ فقد أثبتت الوقائع، كما اتضح لاحقاً مما تسرب عن فضائح تعذيب الأسرى والمعتقلين العراقيين في سجن أبو غريب وغيره، وكشفت الأسلوب الذي تتبعه هذه الإدارة التي تنصب من نفسها حامية لحقوق الانسان .. لقد مورس ضد رفيقنا شتى ألوان التعذيب الجسدي والنفسي وقد شارك الموساد في هذا التحقيق.
لقد كان اعتقاله بطريقة تعسفية ودون أي مبرر قانوني انتهاكاً سافراً لحقوق الانسان، عجزت الإدارة عن فبركة محاكمة صورية له، وحتى تتخلص من ورطتها قامت بتصفيته، هذه هي القراءة الموضوعية لقضية استشهاده.

ما هو موقف جبهة التحرير الفلسطينية من المتغيرات الحالية التي طرأت على الوضع الفلسطيني خاصة بعد رحيل الرئيس ياسر عرفات؟ وأين الجبهة من هذه المتغيرات؟
لم يكن غياب الشهيد الخالد الرئيس ياسر عرفات حدثاً عادياً في حياة شعبنا وفي مسيرته النضالية، فهو القائد ومهندس الهوية الوطنية الفلسطينية، وهو رمز نضالنا وقاسمنا المشترك وبوصلة مشروعنا الوطني.. هذا الغياب الكبير ولّد أسئلة أكبر حول مستقبل مشروعنا الوطني ومؤسساتنا الوطنية، وقد تمت الإجابة على هذه الأسئلة من خلال جملة الخطوات التي اتخذتها المؤسسة الفلسطينية لشغل الفراغ الذي خلفه رحيل القائد الخالد .. واعتبرنا انتخابات رئاسة السلطة الوطنية ورئاسة منظمة التحرير الفلسطينية خطوات أساسية على طريق ترسيخ دور المؤسسة الفلسطينية التنفيذية والتشريعية ، وحيث الانتخابات الآلية الأنجع لضمان المشاركة الشعبية الواسعة في بناء النظام السياسي الفلسطيني لذا نحن نولي أهمية خاصة لإقرار قانون انتخابي عصري وديمقراطي يراعي التعددية السياسية والفكرية ويضمن مشاركة أوسع قطاعات شعبنا في صياغة القرار وهو ما يستوجب الأخذ بمبدأ التمثيل النسبي وكخطوة على طريق اعتماد هذا المبدأ نرى ضرورة المرور عبر النظام المختلط على أن يكون مناصفة بين الدوائر الانتخابية وتخفيض سن الترشيح إلى سن 25 لضمان مشاركة الشباب في صياغة حاضرهم ومستقبلهم والاستفادة من هذا القطاع الحيوي والهام في التشريع والمراقبة ونظراً للدور الذي تمثله المرأة الفلسطينية وتمييزاً لهذا الدور نؤكد على ضرورة إقرار الكوتة النسائية بما لا يقل عن 20% من مجموع المجلس . إن مثل هذا النظام يرد وطنياً على مشاريع دولة الكانتونات التي تطرحها خطة شارون الأحادية الجانب لأنه يعتبر الوطن دائرة واحدة، ويضع حداً للاستقطابات العشائرية والحيوية والفئوية التي تنعكس سلباً على المجموع الوطني، ويقدم تمثيلاً ديمقراطياً حقيقياً لقوى شعبنا لأنه يحمي التنوع والتعددية السياسية.

كيف تنظرون إلى الخطوات التي قام بها الرئيس محمود عباس على الصعيد الداخلي؟ وخاصة حكومة التكنوقراط وهل تعتبرونها خطوة كافية لترتيب أوضاعنا الداخلية؟
تم اتخاذ خطوات ايجابية لاستعادة هيبة السلطة والقانون خاصة ما جرى من إزالة بعض التعديات على الأراضي الحكومية، ومن أجل أن تؤتي هذه الخطوات ثمارها الايجابية على المجتمع الفلسطيني ينبغي أن تستمر وأن لا تستثني أحداً ،، كما ينبغي اتخاذ خطوات ثورية لاستعادة الأمن للمواطن وهي ما يستلزم الإسراع في إقرار قانون الأجهزة الأمنية وتفعيل الرؤية الأمنية التي باركتها فصائل العمل الوطني والإسلامي وتعميمها لتشمل كافة أرجاء الوطن . وعلى الصعيد الوظيفي، نطالب بإعطاء فرصة وأمل للشباب الفلسطيني في شغل فرصة عمل توفر لهم حياة حرة كريمة، وهذا يتطلب إقرار قانون منصف للتقاعد يحافظ على كرامة من أفنوا حياتهم من أجل حرية واستقلال وطنهم وقبضوا على جمر حلمهم بالعودة من خلال تراب يضمن لهم تأمين السكن اللائق والحياة الحرة الكريمة.
أما بالنسبة للشق الخاص بحكومة التكنوقراط .. فيكفي أن نشير إلى المخاض العسير الذي شهدته هذه الحكومة حيث يتضح أن تشكيلها جاء لتلافي أزمة وليس لحل أزمة .. إننا في جبهة التحرير الفلسطينية كنا دائماً نطالب بتشكيل حكومة تكنوقراط انطلاقاً من فهمنا لدور السلطة الوطنية الفلسطينية، وعلاقتها بمنظمة التحرير الفلسطينية، حيث نرى أن مهمة الحكومة، هي إدارة الشؤون الحياتية والمجتمعية أما المرجعية السياسية والتفاوضية فهي من مهام منظمة التحرير الفلسطينية.
كيف تنظرون إلى الموقف التفاوضي الفلسطيني؟ وما هو المطلوب من القيادة بخصوص العملية التفاوضية حتى لا نقع في أخطاء الماضي؟
في البداية لابد من صياغة رؤية فلسطينية موحدة ترتكز على ثوابت الإجماع الوطني الفلسطيني وفي مقدمتها حق شعبنا في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وتؤكد على حق شعبنا في مقاومة الاحتلال والاستيطان بكافة الوسائل والسبل المتاحة والتي تضمن أوسع تأييد عالمي لوجهة النظر الفلسطينية، ووضع خطة فلسطينية تتصدى للخطر المتربص بنا والمتمثل بخطة الفصل الأحادي الجانب من خلال التمسك بقرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، وتوحيد المرجعية التفاوضية من خلال إحياء لجنة المفاوضات العليا المنبثقة عن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعدم الإنجرار مجدداً إلى منزلقات الحلول الجزئية لأن ذلك يقودنا إلى سياسة الأسقف المنخفضة، ونحذر من مخاطر إطالة المرواحة في المربع الأمني لما يمثله من إنجرار للمربع الذي يريدنا شارون أن نغرق في تفاصيله.
ماذا بشأن قرار حركة حماس المشاركة في المجلس التشريعي؟ وهل تعتبرون أنها خطوة إيجابية تساهم في ترتيب البيت الفلسطيني؟
نأمل أن يتحول التوجه الايجابي للأخوة الأعزاء في حركة حماس للمشاركة في الانتخابات التشريعية إلى قرار للمشاركة، لما في ذلك من تعزيز للمشاركة السياسية، ومما لا شك فيه أن مثل هذه الخطوة ستساهم في ترتيب بيتنا الفلسطيني وتعزز جبهتنا الداخلية بما يضمن التنوع والتعدد في إطار الوحدة ويعزز الديمقراطية الفلسطينية ويجذرها ويجعل منها خياراً فلسطينياً راسخاً.
قيل الكثير عن ضرورة إصلاح منظمة التحرير، ما هي آخر المستجدات حول ملف منظمة التحرير الفلسطينية وإصلاحها وما هي رؤيتكم أنتم لعملية الإصلاح؟
نحن نحرص على تعزيز دور ومكانة منظمة التحرير باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا ومرجعيته السياسية وضامن هويته الوطنية ووحدته، وهي الإنجاز الأهم لشعبنا والذي يقف خلف كل الإنجازات التي حققها شعبنا بما فيها السلطة الوطنية . ومن هنا نرى ضرورة إصلاح المنظمة وتفعيل مؤسساتها بدءاً من اللجنة التنفيذية ومروراً بمجلسيها المركزي والوطني وأعتقد أن انتخاب المجلس التشريعي الذي يمثل كوتة الداخل في المجلس الوطني، وتفعيل دور المنظمات الجماهيرية التابعة للمنظمة وإجراء الانتخابات لعضوية المجلس في الخارج حيث أمكن ذلك يمكن من تكوين مجلس وطني تكون أكثرية أعضاءه منتخبة ديمقراطياً .. وهو ما يتيح له أخذ دوره الطبيعي وهنا نطالب بانتظام اجتماعات المجلسين الوطني والمركزي حسب النظام الداخلي وذلك كخطوة ضرورية على طريق إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية وإصلاحها.

الحوار في القاهرة سيبدأ بعد يومين ما هي الأفكار التي ستقدمونها من خلال وفد الجبهة الذي سيشارك في الحوار؟ وما هي ابرز النقاط التي ستركزون عليها؟
إن جولة الحوار في القاهرة، هي تتويج لسلسة متصلة من الحوارات الثنائية والثلاثية والوطنية ضمن أطر العمل الوطني المشترك التي شهدتها الساحة الفلسطينية سواء في لجنة المتابعة العليا في غزة أو لجنة القوى الوطنية والإسلامية في رام الله، أو في القاهرة سابقاً ، وقد تمكنا خلال هذه الفترة مراكمة إنجازات هامة على طريق بلورة رؤية موحدة وبرنامج عمل وطني موحد، سواء عبر وثيقة آب في غزة التي تم تطويرها في وثيقة آذار في رام الله .. حيث تجيب على مجمل موضوعات الحوار المطروحة في القاهرة وأهمها صياغة رؤية موحدة تحدد أهداف النضال لشعبنا في المرحلة الراهنة والمتمثلة في حق ضمان العودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وصيانة منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها ممثلاً شرعياً ووحيداً لشعبنا وتؤكد على حق شعبنا المشروع في مقاومة الاحتلال والاتفاق على أشكال ووسائل هذه المقاومة بما في ذلك إمكانية الاتفاق على التهدئة حسب ما تقتضيه المصلحة العليا لشعبنا ودون أن يجحف ذلك بهذا الحق المشروع وتفعيل أشكال النضال الجماهيري والشعبي في مقاومة الاستيطان والجار وتهويد القدس وتأكيد التمسك بقرارات الشرعية الدولية ورفض كافة المرجعيات البديلة لها وعلى الصعيد المجتمعي الحرص على برنامج الإصلاح الديمقراطي والإقرار بوحدانية السلطة، ومبدأ التمثيل النسبي لضمان الشراكة السياسية .
إذاً في القاهرة لن نبدأ من الصفر، وتقتضي المصلحة العليا أن يتم التوصل إلى اتفاق لمواجهة الاستحقاقات المصيرية القادمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كيف استشهد فارس الشهداء "أبو العباس"

مساء يوم الثلاثاء التاسع من آذار (مارس) تناقلت المحطات الفضائية العربية، والعالمية ووكالات الأنباء خبر استشهاد القائد الفلسطيني الكبير الشهيد محمد عباس "أبو العباس"، نقل الخبر ناطق رسمي بإسم قوات الاحتلال الأميركي في العراق، جاء الخبر مفاجئاً فأحدث تساؤلات لدى قيادة جبهة التحرير الفلسطينية وكافة قوى حركات التحرر العربية والعالمية تُحمّل الإدارة الأميركية وقواتها المحتلة للعراق مسؤولية اغتيال الشهيد القائد "أبو العباس" الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، حيث طالبت الجبهة المنظمات الإنسانية والحقوقية والصليب الأحمر الدولي بالإشراف على فحص جثة الشهيد للوقوف على الأسباب الحقيقية للوفاة، كما وجّهت منظمة التحرير الفلسطينية وعدة هيئات ولجان وأحزاب وقوى عربية وعالمية والفصائل الوطنية والإسلامية وجمعيات فلسطينية أصابع الإتهام للإدارة الأميركية متهمة إياها بالتواطؤ مع الموساد الصهيونية بتصفية القائد الفلسطيني وطلبت من الأمين العام للأمم المتحدة أن تقوم المنظمة الدولية بإجراء تحقيق محايد لمعرفة حقيقة استشهاد القائد "أبو العباس". بعد يومين، أي يوم الخميس الحادي عشر من آذار عقد الجنرال الأميركي "مارك كيميت" مؤتمراً صحافياً قال فيه أن تشريح جثة "محمد عباس" قد تمّت على يد خبير في الطب الشرعي من سلاح البحرية الأميركية، إن ما أدلى به الجنرال الأميركي يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك إدانة قوات الاحتلال الأميركي في العراق لأنها لم تستجب لكل النداءات لإطلاق سراح الشهيد القائد "أبو العباس" ولم تستجب للدواعي الصحية والإنسانية للأسير الشهيد حسب ما نصّت عليه المادة الرابعة من اتفاقية جنيف المتعلقة بأسرى الحرب، حيث تركت قوات الاحتلال الأميركي الشهيد القائد "أبو العباس" يعاني من أوضاع مأساوية وصحية حتى الاستشهاد، تماماً كما تفعل قوات الاحتلال الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث تترك الأسرى والجرحى الفلسطينيين ينزفون حتى الاستشهاد، ثم إن الجهة التي قامت بالفحص والتشريح لجثة الشهيد القائد "أبو العباس" هي نفس الجهة الأميركية المتهمة، فكيف تستقيم الحقيقة في هذه المعادلة العرجاء؟ دون أخذ أي اعتبار لمطلب قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وجبهة التحرير الفلسطينية وعائلة الشهيد القائد الداعي لإجراء فحص طبي من قبل جهة دولية مستقلة، رغم أن هذا المطلب لا ينفي الإدانة التي تحمّل المسؤولية للإحتلال الأميركي في العراق لأن اعتقال قوات الاحتلال للشهيد القائد "أبو العباس" لا يستند إلى أي مبرر سياسي أو مسوغ قانوني.
إن ما حدث مع الشهيد القائد الرمز "أبو العباس" يفتح عيوننا من جديد على فداحة الانتهاكات الغير إنسانية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني على أرض فلسطين من قبل العدو الصهيوني وما يتعرض له الشعب العراقي الشقيق في ظل الحرية والديمقراطية الأميركية.
لقد سقط الشهيد القائد "أبو العباس" الذي عرفته ساحات المواجهة مع العدو الصهيوني خلف قضبان السجن الأميركي في العراق وتحت السياط الأميركية زهقت روحه تلك الروح المتمردة التي لم تعتد الركون والاستكانة، منذ أن كان الشهيد "أبو العباس" فتىً يافعاً في مخيم اليرموك، حيث كان يعيش مع عائلته، ملأ فضاءات المخيم الفلسطيني نشاطاً وحيوية، وكان بيت أهله المتواضع، ملتقى الشباب الفلسطيني المنتمي للثورة الفلسطينية، والأحزاب القومية واليسارية. وتشهد مدرجات كلية الآداب في جامعة دمشق على نشاطاته الطلابية، حيث كان الشهيد "أبو العباس" قائداً طلابياً بارزاً التفت من حوله جماهير الطلبة في الاتحاد العام لطلبة فلسطين. "أبو العباس" القائد كان معلماً في مدارس دمشق، تسلم إدارة مدرسة وحيدة في منطقة قدسيا في ضواحي دمشق، فأيقظ أهل القرية من سبات التقاليد المملة، وضخ في عروقها حداثة المدينة وثقافتها، وما زال أهل قدسيا حتى الآن يعتزون بالمدير الشاب الشهيد محمد عباس "أبو العباس" ويقدرونه، وكثيراً منهم سمى أبنائهم بإسم أبو العباس وهم الآن يرفعون صور معلمهم الشهيد، كما ترفعها المخيمات الفلسطينية في الشتات وعلى أرض فلسطين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"أبو العباس" .. عام على الرحيل
بقلم / غسان زيدان

مبكراً ترجل، دونما استئذان.. فكان الرحيل مفاجئاً، وكان مدويا بصدى الخبر الذي سجلت حروفه الاولى جدران زنزانة اميركية في سجن المطار/بغداد/ في الثامن من آذار للعام 2004.
ومر عام.. وحلت الذكرى، لتستحضر صورة لفارس فلسطين.. بطلته البهية، وحضوره المميز.
ونستحضر سيرة مشبعة بالآلام، والحقيقة.
إنها سيرة تكللت بالشهادة، لعاشق دائم الابتسامة، محتشد بالحياة وتفاصيل الوطن، لم يمسسه وهم أو زيف حوار، وظل مؤمنا بحقيقة لم تصنعها سوى سواعد الثوار، والقابضون على الجمر.
هي سيرة قائد وطني صلب جسور، نذر نفسه لقضية شعبه عطاء لا ينضب، وروحه لفلسطين التي كانت تعني له احد أسماء الحياة، اليها يشد الرحال بحلمه الدائم، راجلاً، أو على متن زورق بحري، أو شراع طائر، أو منطاد يحلق في السماء.. وبصبر الرجال، ينتظر، ليواصل السير، لا يعدم الوسيلة للوصول الى أرضها التي احتضنته مرتين: مرة لحظة الميلاد، حين اخرج قبل ان تكتحل عيناه بعامه الاول، مع المغلفين ببؤسهم، المنذرين بحلم العودة، يحمل في القلب غصة تكبر، ويكبر معها وفي عينيه وطن، وسيف وثورة.
ومرة حين عاد مع العائدين الى ما تيسر من وطن، الا ان حمله بقي اكبر، فجاب ارجاءها متجاوزاً خطوط الوهم، وخرافة الخرائط، وسراب التسويات، وبنظره طاف سماءها وعد النجوم، وعب من ماء العين في مسقط رأسه درة الكرمل "طيرتها" فسقطت من العين دمعة، وتحشرجت في الحلق لغة الكلام، لتحضر كل تفاصيل الماضي على قسمات الوجه البهي، وتستعيد الذاكرة صورة لضاهر العمر "ذاك الجد المجاهد، وما تركه الزمن من بقايا لغبار خيله على سهل البطوف، وسفوح الكرمل، وآثار لبصماته على الحارة الشرقية والغربية، وفي ملامح احفاده من عيل وحمايل، وأربع عيون ماء ومقبرة لا تزال شاهدة، تحفظ الذاكرة لقصص وحكايات عن الشهداء والأحياء.
والى الحاضر اعادته نسمة بحرية هبت من المغيب، ونبهته على دوامة من الزمن، سقطت فيها كثير من الرهانات، وخبت جميع الأصوات، الا صوت الوجع، وصوت الحق الفلسطيني، وصوت انتفاضة الاقصى هنا، وقلب ما زال ينبض بما تبقى من كرامة الأمة، في عاصمة الرشيد هناك.
ولأنه كان مؤمنا بأن الجرح واحد، والحق واحد، والعدو واحد والحرية واحدة، أراد ان يكون قوميا بامتياز مثلما أصبح وطنيا بامتياز، فطورد لعشرين عاما، وسدت عليه المنافذ، لكن لم تضق به الأرض، لأنه نجح بشطر ذاته الى واحد، توزع بين حلم العودة، والبقاء في حاضنة الامة، ليجعل من أصالة وطنيته، وقومية انتمائه، شريانا لا ينقطع، بين فلسطين وحقيقة انتمائها لأصالتها، وعروبتها، في زمن هجرها فيه ملوكها، وسلموا العصمة للغزاة، ومفاتيح العواصم، وأسرار البلاد والعباد.
وحين سقطت عاصمة الرشيد، وأنت تحت وطأة أقدام الغزاة، أبى إلا أن يكون رابط الجأش، مرابطاً، صلباً جسوراً، كما عهده الباقون هناك، المؤمنون بصدق انتمائهم، والمرابطون هنا، المؤمنون بعدالة قضيتهم، وحتمية الانتصار.
وفي سخرية قدر، وقع اسيراً، لقد وقع أسيراً، يحمل الجرح والوطن، وبكبرياء المقاتل قال: لا بأس ان كان ذلك ضريبة النضال، ولا فرق بين زنزانة في سجن اميركي أو صهيوني، فلا بد من نصر قادم.
وظل دائم السؤال عن شعبه الثائر، ورمزه المحاصر، ولم يمل السؤال عن شعب أبيّ يلملم الجرح، ويستعيد قواه لمقاومة الاحتلال.. الى ان طالته يد بربرية سوداء، والقيد في المعصم أقدمت على اغتياله، مرتكبة جريمة حرب بشعة، مزقت ضمير العالم صورة مرتكبيها، وتركت في وجه العدالة بصمة يندى لها الجبين كشفت حقيقة مغول العصر، قراصنة العالم، رعاة البقر والارهاب القابعين في جحور البيت الابيض، وفي تل ابيب المدنسين ارضنا والملوثين ماءنا وهواءنا.
وسقط شهيداً.. لقد سقط شهيداً، ومن حاضرة الدنيا سرت روحه الى السماء فقالوا: سبحان الذين اسرى بروحك يا محمد، يا أجمل الشهداء.. وعرج علينا طيفها خبرا، مزق القلوب، وغصت به الحناجر وصور بهية اطلت، فزغردت لها النساء، وعلت على صهوة المجد وساما، احال الحدث الجلل لصرح من فخار وتصميما وارادة، على مواصلة الدرب والمسيرة، حتى نهاية المشوار.
وبعد قرار احتلالي عدواني، برفض نقل جثمانه ليسجى في ارض الوطن، كما أوصى لمرة ثالثة وأخيرة، على الأكف حملوه، وعلى رؤوس الأشهاد، ليوارى الثرى مطمئنا في روضة اليرموك للشهداء، الى جانب أخيه ورفيق دربه، أبي جهاد، لتحضنهم رحمة الله، ويحتضنوا معا حلم العودة.
إنه الشهيد الحي، القائد المقاتل محمد عباس "أبو العباس" الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


أبو العباس.. الفارس الذي ترجل
بقلم / د.واصل أبو يوسف
بمناسبة حلول الذكرى السنوية لاغتياله في زنازين الاحتلال الأمريكي في العراق

في مثل هذا اليوم من العام المنصرم تم الإعلان عن استشهاد القائد الوطني محمد عباس "أبو العباس" الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية الذي سبق أن اعتقلته قوات الاحتلال الأمريكي بعد احتلالها للعراق وسقوط مدينة بغداد بأيام وذلك في محاولة لإنجاز انتصار وهمي من خلال الزج باسم أبو العباس بما يسمى الإرهاب بعد فشل الإدارة الأمريكية بتبرير شن عدوانها على العراق وعدم عثور قواتها على أسلحة الدمار الشامل المزعومة ومحاولات الربط بين القيادة العراقية وما يسمى الإرهاب والتي شكلت قاعدة مضللة لتبرير الهجوم العسكري حيث ثبت بعد ذلك زيف هذه الادعاءات التي جرى تضخيمها من اجل تضليل الرأي العام العالمي وإيجاد المبررات لشن هذه الحرب الظالمة والجائرة على الرغم من معارضة معظم دول العالم لها والذي تأكد أن هذه الحرب كانت من اجل السيطرة وتأمين المصالح الأمريكية بما فيها توفير كل مقومات الأمن لإسرائيل وحمايتها من أية تهديدات مستقبلية انسجاما مع الموقف الأمريكي المعلن بالحفاظ على أمن إسرائيل وتجسيدا لتهج الانحياز الأمريكي لها.
ولاشك انه ومنذ اعتقال أبو العباس في بغداد حاولت الإدارة الأمريكية الاستفادة من هذا الموضوع من خلال ادعائها بإلقاء القبض على قيادي فلسطيني مطلوب لديها بتهمة الإرهاب وهو ادعاء باطل كون أبو العباس شكل رمزا قياديا بارزا في مسيرة الثورة الفلسطينية المعاصرة فهو أحد المؤسسين لهذه الثورة والذي تقلد العديد من المواقع القيادية كأميناً عاماً لجبهة التحرير الفلسطينية وعضو في اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو في القيادة الفلسطينية والإطارات الأخرى، وحيث تسنى له العودة إلى ارض الوطن لحضور اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني الذي انعقد في شهر نيسان عام 1996 في مدينة غزة وليقوم بعد ذلك بالتجول في كل المدن الفلسطينية المحتلة بما فيها زيارته إلى مسقط رأسه بلدة الطيرة قضاء حيفا وتنقله الدائم وزياراته المتكررة للعديد من الدول دون أن تطاله أية مطالبات أمريكية وخاصة بعد تسوية ملف عملية اكيلي لاورو الشهيرة عام 1985 من خلال إسقاط المطالبة على ضوء التسوية السياسية والقانونية لهذه القضية وتبني منظمة التحرير الفلسطينية بدفع تعويضات لعائلة القتيل الذي سقط على ظهر الباخرة وإعلان وزير العدل الأمريكي في حينه عن إغلاق الملف ووقف المطالبة بعد سنوات قليلة من العملية والإعلان رسميا أن أبو العباس ليس مطلوبا لأمريكا على خلفية هذه العملية والتي جرى في حينها اختطاف الطائرة المصرية التي أقلت أبو العباس مع المقاتلين الذين سيطروا على الباخرة إلى جزيرة صقلية بعملية قرصنة غير مسبوقة بهدف احتجاز أبو العباس ولتتم العديد من التدخلات التي جرت في حينها وليتم تهريبه من قبضة القوات الأمريكية.
وبناء على ما تقدم نعتقد إن عملية اعتقال أبو العباس جاءت محاولة لزج اسم قائد فلسطيني بارز ناضل ضد الاحتلال الإسرائيلي ومن اجل نيل الحرية والاستقلال لشعبه بما يسمى الارهاب وخاصة في ظل ما يجري مؤخرا من محاولات للخلط بين المقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني ضد الاحتلال والإرهاب والمحاولات الأمريكية الإسرائيلية الهادفة لوصم نضال شعبنا الفلسطيني المشروع بما يسمى الإرهاب وخاصة بعد استغلال أحداث الحادي عشر من سبتمبر في أمريكا والإعلان عن الحرب ضد ما يسمى الإرهاب دون تحديد ماهيته او تعريفه ، وايضا في ظل تبني المواقف الإسرائيلية التي تنفي مشروعية النضال الفلسطيني وتحاول الزج به في خانة الإرهاب وتعمل بكل السبل للقضاء على هذه المقاومة مستخدمة كل أشكال العدوان المتصاعد ضد شعبنا ومواصلة سياسة القتل والتصفية والتدمير لتقوم باغتيال وتصفية العديد من القادة مثل الشهيد أبو جهاد وابوعلي مصطفى والشيخ احمد ياسين ود عبد العزيز الرنتيسي وغيرهم الكثير ، ومن هنا كنا ندرك مدى الخطورة التي تحيق بابو العباس في سجنه وحذرنا مسبقا من المس به للتساوق مع محاولة شطب القيادة التاريخية لشعبنا الفلسطيني ولتقوم قوات الاحتلال الأمريكي باغتياله والتخلص منه بعد احتجازه في شروط صحية ولا إنسانية بائسة والتنكيل به كما تبين للجميع مدى التعذيب والممارسات الوحشية التي تقوم بها قوات الاحتلال الأمريكي في السجون والمعتقلات الأمريكية للأسرى العراقيين والعرب والفضائح المخزية التي تم كشفها عن طريق التعذيب والاغتصاب والتنكيل في سجن أبو غريب وغيره من السجون والتي قضي فيها العديد من السجناء لتشكل اكبر دليل على ما يتعرض له المعتقلون في هذه السجون من ممارسات لا إنسانية تقشعر لها الأبدان.
لقد شكل الإعلان عن استشهاد أبو العباس في سجنه صدمة لدى الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات وفي أوساط كل حركات التحرر في العالم وخاصة بما جسده من علاقات وتاريخ نضالي حافل وهو الذي احب فلسطين وعمل من اجلها طوال سنوات حياته حيث ناضل منذ نعومه أظفاره وحتى استشهاده ليرسي تاريخا عريقا وفصلا ثوريا مقاوما لا ينسى وحضورا متميزا ليلتصق اسمه باسم الجبهة التي أرسى دعائمها بالعمل المتواصل والنضال المستمر حتى إنجاز وتحقيق تحرير الأرض والإنسان حيث إن عمليات الجبهة الكبيرة التي اشرف عليها القائد الشهيد مثل عملية الخالصة ونهاريا التي قادها البطل الأسير سمير قنطار وعملية ريختا والقدس البحرية والعديد من العمليات البحرية والجوية حققت نجاحا ومنهجا لا يمكن أن ينسى في ساحة نضالنا الفلسطيني.
لقد حاولت الإدارة الأمريكية بعد اغتيالها لابو العباس في سجنه أن تطمس هذه الجريمة النكراء برفضها لمطالب الجبهة والمنظمات القانونية التي طالبت بالوقوف على الأسباب الحقيقية للوفاة من خلال السماح لمنظمة الصليب الاحمر بتشريح الجثمان وتحديد السبب الحقيقي للوفاة لتقوم بالمماطلة بتسليم الجثمان لدفنه وإحضارها لفريق طبي عسكري يقوم بتشريح جثمان أبو العباس ولتعلن بعد ذلك بشكل أحادى الجانب أن سبب الوفاة هو الذبحة القلبية دون سند حقيقي يؤكد هذا الادعاء ولتقوم بتسليم الجثمان إلى الصليب الأحمر بشروط واضحة لاخفاء معالم جريمتها ولينقل بالطائرة الى سوريا ويدفن في مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك في مدينة دمشق ذلك بعد احتجاز الجثمان لاكثر من أسبوعين بعض رفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي أيضا السماح لوصول الجثمان الى أراضى السلطة الوطنية الفلسطينية لدفنه في مدينة رام الله أو غزة على الرغم من كل التدخلات المطالبة بذلك كحق طبيعي وقانوني وانساني.
لقد مثل رحيل القائد أبو العباس خسارة فادحة لشعبنا الفلسطيني وقيادته وكل محبيه ولكل الأحرار والشرفاء في العالم كما جسد خسارة كبيرة على صعيد الجبهة التي افتقدت قائدا شجاعا صلبا نذر حياته في اعلاء راية النضال الفلسطيني وجسد الحرص الكبير على التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية وبذل كل الجهد من اجل الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية وتطويرها وتعزيزها ، كما كان الوفاء عظيما من شعبه الذي احبه حيث فتحت له بيوت العزاء في كل المدن والقرى والمخيمات في الوطن والشتات وقد كان الرئيس الخالد الشهيد أبو عمار في غاية التأثر والانفعال عندما علم بخبر استشهاده ولينقل تعازيه إلى عائلته ورفاقه في قيادة الجبهة وشعبه وليقوم هو شخصيا بفتح بيت العزاء واستقبال المعزين في مقر إقامته المحاصر آنذاك.
وربما ما يعزينا ان شعبنا رغم كل التضحيات الجسام التي يقدمها سيبقى مستمرا بالتمسك بالمثل والأهداف التي جسدها الشهداء وضحوا من اجلها وفي مقدمتها الاستمرار في نضالنا المشروع حتى نيل حريتنا واستقلالنا ووصول شعبنا الى حقوقه كاملة غير منقوصة في العودة والدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس كاملة السيادة ، وجبهة التحرير الفلسطينية وهي تفتقد قائدها البارز تمضي على ذات الدرب والنهج الذي أرساه الشهيد أبو العباس معاهدة شعبنا أن يستمر النضال على درب الشهداء الذين جسدوا بإرادتهم ودمائهم المثل والقيم التي يتمسك بها شعبنا.
عهدا لك ايها القائد الشهيد ان تبقى ذكراك ناقوسا يدق في الظلام وان نحافظ على جبهتك التي اسستها وضحيت من اجلها على طريق تحرير شعبك من العبودية والاحتلال وان تبقى جريمة مقتلك وذكراك حية مهما تجاوز جلادزة الاحتلال والارهاب ومهما عملوا من اجل طمس الحقائق وتزييفها والى روحك الرحمة في جنات الخلد مع النيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد أبو العباس
أبو العباس... قتلوك غدرا وقتلوا أبو عمار
بقلم / المهندس عزمي الشيوخي الأمين العام للجان الشعبية الفلسطينية

كنتم رمزاً وقائداً كبير... وأصبحتم تحتلون مساحات واسعة في العقل والوجدان الوطني الفلسطيني وشكلتم جسراً للتواصل الفلسطيني مع العمق العربي من خلال المواقف الفلسطينية والعربية والقومية المسؤولة لكم يا رفيقنا ويا أخانا الكبير أبو العباس... شكلتم بفكركم وعطاءكم وقيادتكم لجبهة التحرير الفلسطينية حلقة وصل قوية للنسيج الوطني الفلسطيني لحرصكم وحرص الجبهة على وحدة الصف والخندق والبندقية والموقف الوطني المشترك وكنتم من حراس وحماة بيتنا الفلسطيني الكبير المتمثل بمنظمة التحرير الفلسطينية التي بنيتموها مع الإخوة والرفاق الرموز والقادة التاريخيين العظماء والتي حافظتم عليها وكنتم من حماتها وأعمدتها وامتد عطاءكم في جبهة التحرير الفلسطينية إلى خارج حدود الوطن الفلسطيني باختراق صفوف الجماهير العربية بكل الأقطار ليكونوا جنوداً خلف شعبنا الفلسطيني المقاوم على ثغور القدس معززين ثورتنا الفلسطينية ببعدها وعمقها العربي والقومي وكنتم جسور المحبة والعطاء والفداء والوفاء عندما رفضتم الا ان تكونوا مع الأشقاء العراقيين وقت الاجتياح لبغداد لتجسدوا وحدة المعاناة والمقاومة والخندق وصنعتم من وقفتكم مع الأشقاء في العراق نموذج للتضحية والفداء والوفاء العظيم ووحدة المصير والهدف وأوثقتم رباط متين لن ينفك في يوم من الأيام ما بين فلسطين العروبة وعراق الشموخ واوضحتم بوقفتكم الحقيقية المسؤوله ذات البعد الوطني والقومي والتحريري عندما تمترستم في خندق المواجهة خندق الحق والزود عن حياض العرب والمسلمين.
الصورة للاحتلال والاستعمار من خلالكم يا أبا العباس ويا أبا عمار المجد ليس بالشبه وإنما على أرض الواقع بالحقيقة ما بين فلسطين والعراق ولبنان وما بين التاريخ والجغرافيا العربية وعدوان الاحتلال والاستعمار و حاليا إن الامة العربية كلها مهددة.
أبو العباس... تمر على شعبنا الفلسطيني وجماهيرنا العربية في هذه الأيام الذكرى السنوية الأولى لاغتيالكم في زنازين الاحتلال الأمريكي في العراق معتقدين أنهم يحققون انتصاراً باعتقالكم وإلصاق تهمة الإرهاب بكم أيها القائد الفارس لتشويه الحقائق وللنيل من المقاومة المشروعة أينما وجدت بوصفها إرهاباً وبعدها تمكنوا غدراً باغتيالكم كما تمكنوا بعدكم من اغتيال الرمز الكبير وراعي المسيرة الفلسطينية رئيسنا المنتخب أبو عمار ولكن شعبنا الفلسطيني وجميع الشعوب العربية لم تكن في أي مرحلة من مراحلها عقيمة لا تنجب وانتم أيها الفرسان والقادة العظماء الذين لحقكم الغدر لم تذهبوا بل ازددتم احترام وتقديراً وأصبحتم تسكنوا القلوب وحدقات العيون والعقول وثبتم بحرصكم ونقائكم البوصلة لشعوبنا العربية ولشعوب الكرة الأرضية نحو التحرير ورفض الركوع والتمسك بالحقوق والثوابت والمبادئ والأوطان وزرعتم بذاراً وزرعاً من المبادئ والمواقف دفعتم ثمنها بأنفسكم وتأكل الأجيال القادمة ثمارها.
وبعد أن فعلت أمريكا ما فعلت ودمرت ما دمرت فقد ثبت زيف ادعاءاتها التي قامت ببثها وبتضخيمها لتضليل الرأي العام العالمي بهدف خلق مبررات في شنها الحرب الظالمة على العراق الشقيق التي كانت تهدف حقيقتاً للسيطرة على الشرق الأوسط ولتامين المصالح الأمريكية وامن إسرائيل وحمايتها من أي تهديدات مستقبلية تجسيداً لنهجها المنحاز لإسرائيل وكيلها كافة المواقف بمكيالين ... ولقد شكلتم يا أبا العباس باعتقالكم من قبل أمريكا في العراق فضيحة أخرى لأمريكا وإسرائيل عندما تناسوا أنكم عدتم إلى ارض الوطن بموجب اتفاقات مع م.ت.ف التي كنتم احد أعضاء لجنتها التنفيذية و أحد أركانها وحضرتم المؤتمر الوطني الفلسطيني المنعقد في قطاع غزة عام 1996 ووصلتم إلى كل البلدات الفلسطينية في الضفة والقطاع حتى مسقط رأسكم في عمق الكيان الصهيوني بلدة الطيرة قضاء حيفا التي زرتموها ولم يطالكم أي مساس من أي دولة دخلتوها بعد تسوية ملف عملية (اكيلي لاورو) لسقوط المطالبة بقيام التسوية القانونية والسياسية لهذه القضية وتبني م.ت.ف دفع تعويضات لعائلة القتيل الذي سقط من الباخرة وإعلان وزير العدل الأمريكي في حينه إغلاق الملف ووقف المطالبة وأريد أن أقول لك يا أبا العباس بأنك لم ترحل كما لم يرحل الرئيس الرمز أبو عمار ولم يرحل ابو علي مصطفى ولم يرحل الشيخ احمد الياسين ولم يرحل د.عبد العزيز الرنتيسي الذين شكلتم معهم عروة وثقى ونسيج فلسطيني في نفس العام لن ينساه أي فلسطيني وأبقيتم مبادئ وثوابت ومشاعل مضاءة في طريق النصر والتحرير والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة بعاصمتها القدس الشريف فأنتم أحياء فينا جميعاً ولم ننساكم ولن ننسى كل شهداء شعبنا الفلسطيني وشهداء الأمتين العربية والإسلامية الذين سقطوا على مذبح الحرية وسنبقى نذكركم وسنبقى على عهدكم في مدارس الشرف والعزة والوفاء والشموخ التي بنيتموها لفلسطين وللعرب والمسلمين ولكل الأحرار ...فنم قرير العين يا أبا العباس فشعبنا كله أبا العباس وأبا العمار والرنتيسي و العياش والياسين وأبو علي مصطفى والشقاقي وأبو جهاد وكنفاني والقسام والقاسم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في الذكرى الاولى لإستشهاد الرفيق القائد ابو العباس
بقلم / صلاح اليوسف

يصادف التاسع من آذار ذكرى مرور سنة على استشهاد قائد فلسطيني عظيم أبى الا ان يكون شهيدا للموقـف القومي العربي عنوانه الامل الفلسطيني القريب, نهجه مقاومة الظلم والعدوان والاحتلال.
شهيدنا الكبير القائد ابو العباس والذي رحل عنا في وقت تزداد فيه المخاطر المحدقه بقضايا شعبنا وامتنا ، ونحن احوج ما نكون الى رعايته وحكمته وشجاعته واقتداره وبعد نظره في قيادة فصيــل اساسي من فصائل منظمة التحرير الفلسطينيه وهي جبهة التحرير الفلسطينيه ، الحريص دوما على تعزيز صمود شعبنا ووحدته الوطنيه والداعي دوما لرص الصفوف بمواجهة مشاريع الاعداء خلـــــــف المشروع الوطني الفلسطيني واهدافه وحقوقه العادله متمسكا بالثوابت الوطنية.
هكذا كان القائدالكبير الشهيد ابو العباس الذي كرس وحدة قضايا امتنا العربيه بمواجهة اطماع الاداره الامريكيه المتصهينه وسقط شهيدا للموقف القومي الملتزم في معتقلات الاحتلال الامريكي للعراق بعد اعتقــال دام لمدة تقارب العام نتيجة لمواقفه القوميه الداعيه لمواجهة مخططات ومشاريع الاداره الامريكيه وتحذيره من هذا الغزو وتداعياته على منطقتنا العربيه، وقد فضح باستشهاده على ارض بلاد الرافدين للعالم اجمع مدى التغلغل الصهيوني في القوات الغازيه المتلطية تحت مظلة امريكيه لأن كل المؤشرات دلت على ان اجهزة الموساد الصهيوني هي التي اغتالته في معتقلات الاحتلال الامريكي.
ولم تكتفي بذلك بل رفضت ان ينقل جثمانه ليوارى الثرى فوق ارض الوطن فلسطين وما ظلت تماطل في تسليم الجثمان لما يزيد عن الاسبوعين ليدفن في مخيم اليرموك في دمشق الفيحاء بجوار رفاقــــــــــه القاده طلعت يعقوب وابو جهاد الوزير وزهير محسن والشقاقي وجهاد جبريل الذين اغتيلوا غدرا في عواصم العالم العربي.
نعم قدم شعبنا خلال مسيرته النضاليه تضحيات جسام وقادة عظام امثال ابو علي مصطفى والشيخ احمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وابو علي اياد وابو الهول واخرهم قائد الشهداء الخالد الرئيس الرمز ابو عمـــــار والقافله لاتعد ولاتحصى كل ذلك في سبيل الحريه والعوده والاستقلال والخلاص من ظلم الاحتلال, فشعبنا المعطاء سيواصل كفاحه مستعملا كل السبل والوسائل حتى دحر الاحتلال واقامة دولته الفلسطينية المستقله كاملة السياده وعاصمتها القدس .
تأتي الذكرى السنويه الاولى لاستشهاد القائد ابو العباس ومنطقتنا العربيه عموما وقضيتنا الوطنيه خصوصا تمر بمرحلة خطيره وصعبه حيث تتصاعد الهجمة الامريكية الصهيونية ضد امتنا بهدف بناء ما يسمى لشرق الاوسط الجديد وفق خريطة جديده وهذا ما يتوجب على كافة القوى الحيه في عالمنا العربي ألمزيد من التمسك بالمبادىء والاهداف والثوابت الوطنيه وبالقيم والاهداف التي انتهجها الشهيد القائد ابو العباس ورسخها وعمل لها طيلة حياته ، حيث كان من اصحاب النظره الثاقبه وبعد النظر لما تخطط له وتحيكه الدوائر الامريكيه المتصهينه وقد حذر من ذلك مرارا حيث قال : ان العدوان الامريكي على العراق ليس ضد العراق وشعب العراق بل هو ضد كل الامه العربيه ومنطقة الشرق الاوسط وشعوبها.
فقد كان شهيدنا الكبير مؤمنا بقدرة الامة واهدافها ومصالح الجماهير ومستقبلها، كما كان مؤمنا بإهمية استمرار وضرورة تعزيز صمودها لمواصلة معركة الحرية والاستقلال وتحرير الوطن من دنس الاحتلال مهما عظمت التضحيات مؤكدا على اهمية التمسك بالثوابت الوطنيه محذرا من سياسة الخداع والتضليل التي كانت تمارسها الاداره الامريكيه المتصهينه.
كلنا على العهد ياشهيدنا الكبير نواصل الكفاح فشعبك شعب الجبارين لايكل ولايمل ومعين عطائه لاينضب وخياره الصمود والمقاومه لاسترجاع كامل حقوقه الوطنيه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشخصيات اللبنانية والفلسطينية
تشيد بمزايا ومواقف الشهيد القائد "أبو العباس"

فور شيوع نبأ استشهاد القائد الوطني الكبير محمد عباس "أبو العباس" الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو المجلسين الوطني والمركزي الفلسطيني، توافدت الشخصيات اللبنانية والفلسطينية إلى منزل عائلته في بيروت حيث قدمت واجب العزاء وكان في استقبالهم زوجة الشهيد القائد "أبو العباس" السيدة "ريم النمر" وأبناء الشهيد وعضو المكتب السياسي ومسؤول إقليم لبنان لجبهة التحرير الفلسطينية الرفيق "ناظم اليوسف" والسيد "رفعت النمر" وقد أشادت الشخصيات اللبنانية والفلسطينية بمزايا الشهيد القائد ودوره الوطني والقومي على الصعيد الفلسطيني والعربي والعالمي ونضاله ضد العدو الصهيوني.
كذلك أمّت قاعة الرابطة الأهلية في بيروت الطريق الجديدة شخصيات لبنانية وفلسطينية وممثلي الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية والفلسطينية وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية وكان في استقبالهم عضو المكتب السياسي ومسؤول إقليم لبنان لجبهة التحرير الفلسطينية الرفيق "ناظم اليوسف" وقيادة الجبهة وأمين سر اللجنة الوطنية للدفاع عن الأسرى والمعتقلين الأستاذ "يحيى المعلم" وكان في مقدمة الحضور معالي النائب الدكتور "علي الخليل" ومعالي النائب الأستاذ "بشارة مرهج" ومعالي الوزير السابق الأستاذ "عصام نعمان" ورئيس المؤتمر القومي العربي الأستاذ "معن بشور" وممثل حزب الله الحاج "حسن حدرج" ورئيس حركة الوحدويين الناصرين الدكتور "سمير صباغ" والمحامي "إلياس مطران" وممثل منظمة التحرير الفلسطينية السابق في بيروت الأستاذ "شفيق الحوت" والدكتور "سمير الطرابلسي" والأخ "صلاح صلاح" والأخ "قاسم العينا" والأستاذ "مأمون مكحل" والأخ "صقر أبو صخر" والأستاذ "محمد المجذوب" رئيس المنتدى القومي العربي وأمين عام الحزب الديمقراطي الشعبي الأستاذ "نزيه حمزة" ومسؤول منظمة طلائع حرب التحرير الشعبية قوات الصاعقة في لبنان "أبو حسن غازي" وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية الرفيق "علي فيصل" وعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الرفيق "مروان عبد العال" على رأس وفد من الجبهة ووفد من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضمّ الأخوة "محمد نزال" و"أسامة حمدان" و"علي بركة"، وفضيلة الدكتور "محمد غرز غموت" والأستاذ "خليل بركات" تجمع اللجان والروابط الشعبية والأستاذ "عبد الله عبد الحميد" المنتدى القومي العربي وفعاليات وشخصيات لبنانية وفلسطينية ووفود من مختلف الفصائل الفلسطينية. وقد أشادت الوفود بمزايا الشهيد القائد الكبير "أبو العباس" ودوره الوطني والنضالي.
وفي صور تواصلت الوفود الشعبية والحزبية والشخصيات اللبنانية والفلسطينية المعزية باستشهاد الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية القائد الكبير محمد عباس "أبو العباس" إلى قاعة الشهيد "عمر عبدالكريم" وقاعات المركز الثقافي الفلسطيني في مخيمي البرج الشمالي والبص وكان في استقبال الوفود عضو اللجنة المركزية للجبهة "عباس الجمعة" وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية حيث قدم التعازي النائب الحاج "علي خريس" على رأس وفد كبير من حركة أمل ووفد من حزب الله برئاسة الحاج "عماد قصير" وسيادة مطران صور للروم الكاثوليك المطران "يوحنا حداد" ورئيس بلدية برج الشمالي الأستاذ "خليل الزين" ومختار بلدة البرج الشمالي "عبدالله مناع" ووفد من حركة الجهاد الإسلامي ووفد من منظمة العمل الشيوعي في لبنان ووفد من الهيئات النسائية في حزب الله ووفد من التنظيم النسائي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ووفود من الأندية والمؤسسات والهيئات اللبنانية والفلسطينية واللجان الشعبية والاتحادات وفعاليات المخيمات.


§ سعادة النائب بشارة مرهج قال أن استشهاد الأخ "أبو العباس" الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية في العراق وعلى يد قوات الاحتلال الأميركي هو جسر آخر بين فلسطين والأمة العربية التي تخوض معركتها المصيرية، رحم الله تعالى الأخ "أبو العباس" الذي عاش التزامه حتى الشهادة فكان خير مناضل وخير شهيد.
§ معالي الوزير والنائب الدكتور علي الخليل، رحم الله شهيد فلسطين وشهيد الأمة العربية المناضل "أبو العباس" أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية الذي عرفناه قائداً فذاً في كافة المراحل.
§ الوزير السابق عصام نعمان، علم من أعلام المقاومة الفلسطينية والعربية يسقط في ساحات الجهاد كبيراً الفراق، بأبو العباس والعزاء بجيل المقاومة الناهض والنصر للصابرين.
§ عضو المجلس السياسي في حزب الله الحاج "حسن حدرج"، قدم التعازي بإسم قيادة حزب الله وعلى رأسها سماحة السيد الأمين العام الأخ "حسن نصرالله" وبإسم جماهير المقاومة الإسلامية بالشهيد القائد الكبير الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية "أبو العباس" مؤكداً أن المسؤولية القانونية عن استشهاده مهما كانت الأسباب تقع على عاتق قوات الاحتلال الأميركي في العراق.
§ نائب رئيس المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى في لبنان ومخيمات الشتات فضيلة الشيخ الدكتور "محمد غرز غموت" أطلب لشهيدنا الكبير "أبو العباس" من الله أن يتقبله في قوافل شهداء فلسطين وشعبنا.
§ الدكتور "سمير الطرابلسي" قال أن شعب فلسطين يقدم الشهداء وأن دمائهم ستبقى مشاعل تنير الطريق، رحم الله القائد الكبير "أبو العباس" وما النصر إلا من عند الله.
§ رئيس المنتدى القومي العربي الأستاذ "محمد المجذوب" الأبطال يعيشون في القلوب بعد رحيلهم عن الدنيا وذكراهم ترددها الأجيال.
§ عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) "محمد نزال" قال، بإسمي وبإسم إخواني أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس أتقدم من الأخوة في جبهة التحرير الفلسطينية وعائلة الشهيد القائد "أبو العباس" بأحر التعازي والمواساة بفقدان قائداً ومناضلاً عرفناه جميعاً في ساحات المواجهة.
§ ممثل منظمة التحرير الفلسطينية السابق في لبنان "شفيق الحوت" قال، رحم الله القائد الكبير "أبو العباس"، لقد كان فارساً من فرساننا الأبطال.
§ أمين عام الحزب الديمقراطي الشعبي "نزيه حمزة"، سيبقى "أبو العباس" في ضمير كل إنسان فينا.
§ عضو المجلس الوطني الفلسطيني "صلاح صلاح" قال، "أبو العباس" القائد والفارس سقط واقفاً على طريق من سبقه من القادة والشهداء.
§ عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين "علي فيصل" أشاد بشهيد فلسطين والأمة العربية القائد الوطني الكبير "أبو العباس" مؤكداً على مواصلة ذات الطريق التي مضى عليها.
§ منفذ عام الحزب السوري القومي الاجتماعي في منطقة صور الدكتور "محمود أبو خليل" قال، أن أمة تقدم قادتها شهداء حتماً ستنتصر.
§ مطران صور للروم الكاثوليك سيادة المطران "يوحنا حداد" أشاد بمزايا القائد الفلسطيني "أبو العباس" الذي عرفناه شجاعاً مدافعاً عن القضية الفلسطينية.
§ لجنة الحقوقيين للدفاع عن القضايا الوطنية والقومية والإنسانية قالت في بيان لها، بالأمس سقط القائد الفلسطيني "أبو العباس" شهيداً على درب الجلالة، درب فلسطين على يد المحتلين الأميركيين، هذا القائد الذي آمن بأن طريق فلسطين لا تكون إلا بالبندقية فكانت العمليات الجريئة لجبهة التحرير الفلسطينية.
§ رئيس تجمع شباب الغد في صور الأستاذ "إياد الخليل" قال، رحم الله القائد القومي "أبو العباس" وجميع الشهداء باعتباره رمزاً للتحرر والثورة على الاحتلال والظلم والطغيان.
§ مدير مدرسة جباليا الأستاذ "فريد جمال" أكد بأن الشعب الفلسطيني فقد القائد المناضل "أبو العباس" باعتباره فارساً من أشجع الفرسان وثائراً من أعظم الثوار.
§ اتحاد الشباب الديمقراطي (أشد) في صور، عاهد على الاستمرار في الطريق التي قضى من أجلها الشهيد القائد "أبو العباس".
§ الحزب الديمقراطي الاشتراكي في صور قال، أن اغتيال القائد محمد عباس "أبو العباس" يضيء طريق الثوار أملاً بالنصر.
§ جبهة النضال الشعبي الفلسطيني أشادت بالشهيد القائد الكبير "أبو العباس" وبمواقفه وقيمه ومبادئه ودفاعه عن منظمة التحرير الفلسطينية والأمة العربية والإسلامية.
§ مندوب فضائية فلسطين "عبد الله أبو الجبين" قال، كان "أبو العباس" مناضلاً ورمزاً للأمة العربية.
§ المحامي "إلياس مطران" قال، رحم الله المناضل الأخ "أبو العباس" الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية وما النصر إلا من عند الله.
§ رئيس اتحاد الجمعيات البيروتية "راجي حكيم" قال، أن الشهيد الكبير "أبو العباس" أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية هو شهيد الأمة العربية وقد استشهد من أجل فلسطين.